لا غير، فكيف يحل لمن يؤمن بالله واليوم الآخر إيجاب اتباع من لم ينص الله ولا رسوله ولا اجتمعت الأمة عليه على جميع الخلق لأجل
مبايعة أربعة أنفار، بل قد ذهب
الجويني (1) وكان من أكثرهم علما وأشدهم عنادا
لأهل البيت عليهم السلام إلى أن البيعة تنعقد بشخص واحد من
بني هاشم إذا بايعه رجل واحد لا غير، فهل يرضى العاقل لنفسه الانقياد إلى هذا المذهب وأن يوجب على نفسه الانقياد وبذل الطاعة لمن لا يعرف عدالته أيضا ولا يدري حاله من الإيمان وعدمه، ولا عاشره ليعرف جيده من رديه وحقه من باطله لأجل أن شخصا لا يعرف عدالته أيضا بايعه، وهل هذا إلا محض
الجهل والحمق والضلال عن سبيل الرشاد؟ نعوذ بالله من اتباع الهوى وغلبة حب الدنيا، ومن أغرب الأشياء وأعجبها بحث
الأشاعرة عن الإمامة وفروعها وعن الفقه وتفاصيله مع تجويز أن يكون جميع الخلق على الخطاء والزلل وأن يكون الله قد قصد
إضلال العبيد بهذه الشرائع والأديان، فإنهم غير جازمين بصدقها بل ولا ظانين، فإن مع غلبة
الاضلال والكفر وأنواع العصيان الصادرة منه تعالى كيف
يظن عاقل أو يشك في صحة الشرائع؟ بل
يظن بطلانها عندهم حملا على الغالب، إذ الصلاح في العالم أقل من القليل، ثم مع تجويزهم أن يحرم الله تعالى علينا التنفس في الهوى مع الضرورة والحاجة إليه وعدم المفاسد عنه من كل وجه ويحرم علينا شرب الماء السائغ مع شدة العطش والانتفاع بذلك الماء وعدم التضرر
____________________
(1) هو إمام الحرمين أبو المعالي الجويني، وقد تقدمت ترجمته (ج 1 ص 126)