قال المصنف رفع الله درجته ومنها أنه يلزم منه مخالفة العقل والنقل، لأن العبد لو لم يكن موجدا لأفعاله لم يستحق ثوابا ولا عقابا، بل يكون الله تعالى مبتدئا بالثواب والعقاب من غير استحقاق منهم، ولو جاز ذلك لجاز منه تعذيب الأنبياء عليهم السلام وإثابة الفراعنة والأبالسة، فيكون الله تعالى أسفه السفهاء وقد نزه الله تعالى نفسه عن ذلك في كتابه العزيز فقال: أفنجعل المسلمين كالمجرمين ما لكم كيف تحكمون (1)؟ أم نجعل المتقين كالفجار (2)؟ (إنتهى).
قال الناصب خفضه الله أقول: جوابه أن استحقاق العبد للثواب والعقاب بواسطة المباشرة والكسب وهو يستحق الثواب والعقاب بالمباشرة، لا أنه يجب على الله تعالى إثابته، فالله تعالى متعال عن أن يكون إثابة المطيع وتعذيب العاصي واجبا عليه، بل جرى عادة الله تعالى بإعطاء الثواب عقيب العمل الصالح والتعذيب عقيب الكفر والعصيان، وجواز تعذيب الأنبياء وإثابة الفراعنة والأبالسة المراد به نفي الوجوب على الله وهو لا يستلزم
____________________
(1) القلم. الآية 35.
(2) ص. الآية 28.
(2) ص. الآية 28.