سماها الناصب دلائل إنما أوردها المصنف على من قال بجواز صدور الكبائر والصغائر عن الأنبياء مطلقا قبل
البعثة وصدور بعض منها بعدها لا على خصوص
الأشاعرة فلا يفيد في دفعها إظهار تنزيه
الأشاعرة عن ذلك مع أن
الأشاعرة بأجمعهم ليسوا براء عن ذلك كما مر أيضا، إن قيل: حاصل ما ذكر في المقام من الدليلين الأولين أن تجويز المعاصي عن الأنبياء والأئمة عليهم السلام يقدح فيما هو الغرض من
بعثة الأنبياء ونصب الإمام أعني قبول أقوالهم وامتثال أوامرهم ونواهيهم، فبينوا لنا وجه القدح في ذلك وسقوط مرتبتهم عند الناس، إذ هو خفي جدا، ولهذا طال الكلام في المسألة بين الفريقين قلت: وجهه أن من
يجوز عليه الكباير والمعاصي فإن النفس لا تسكن ولا تطمئن إلى قبول قوله مثل (كما تسكن وتطمئن خ ل) ما تطمئن إلى قول من لا
يجوز عليه شئ من ذلك جزما قال (1) الشريف المرتضى رضي الله عنه وهذا هو معنى قولنا: إن وقوع الكبائر والمعاصي ينفر عن القبول والامتثال والمرجع فيما ينفر ولا ينفر إلى العادات (2) وليس ذلك مما يستخرج بالدليل، ومن رجع إلى العادة علم
صدق ما ذكرناه فإن الكبائر في باب التنفر لا تنحط عن المباحاة التي تدل على خسة صاحبها وعن المجون (3) والسخافة ولا خلاف في أنها ممتنعة عنهم، فإن قيل: أوليس قد
جوز كثير من الناس الكبائر على الأنبياء والأئمة ومع ذلك لم ينفروا عن قبول أقوالهم وامتثال أوامرهم؟ وهذا يناقض قولكم إن الكبائر منفردة، قلنا: هذا من لا يعرف معنى التنفير، إذ لم نرد به ارتفاع التصديق والامتثال رأسا، بل ما ذكرناه من عدم سكون النفس وحصول
____________________
(1) في كتاب تنزيه الأنبياء (ص 4 ط تبريز) (2) عبارة التنزيه إلى هنا (3) قلة الحياء