المردودين كما أخبر الله تعالى عن ذلك في
سورة الصافات (1) بقوله: وباركنا عليه وعلى إسحاق ومن ذريتهما محسن وظالم لنفسه مبين الآية ولا ريب في أنه (ع) إذا طلب الإمامة لبعض ذريته المعدومين لا بد بمقتضى شأن نبوته وقرينة تخصيصه بالبعض أن يكون طلبه ذلك لهم بشرط اتصافهم بالاسلام والعدالة الدائمتين أو في الجملة ولما احتمل أن يكون بعض من ذريته المعدومين مسلمين عادلين في الواقع ولم يكونوا متعينين عنده حتى ينظر في حالهم فيزعم فيهم ما ليسوا عليه في نفس الأمر صار احتمال كون ذلك البعض الذي خصهم بسؤال الإمامة لهم ممن كانوا على خلاف ما زعم فيهم عليهم السلام ساقطا عن أصله وقد
منع بعض القاصرين (2) لزوم عدم مطابقة الجواب للسؤال قائلا إن الله تعالى لما عدل عن جواب سؤال
إبراهيم (ع) إلى الإخبار بعدم نيل
الظالم لعهد الإمامة فكأنه أجاب دعائه مع زيادة، ووهنه ظاهر إذ لم يعهد في فصيح الكلام فضلا عن كلام الملك العلام أن يسكت رأسا عن جواب ما ذكر في السؤال ويقال في مقام الجواب ما لم يسأل عنه أصلا إلا إذا كان السؤال مما لا يستحق الجواب كما قاله أئمة البيان في أسلوب الحكيم (3) وما نحن فيه ليس كذلك على أن هذا التوجيه يجري في كل مقام يعترض فيه بأن الجواب ليس بمطابق للسؤال فلو صح لزم أن لا يكون إيراد هذا القسم من الاعتراض موجها في شئ من المواضع أصلا فضلا عن أن يكون واردا أو متوجها فتوجه فكذا الكلام فيما
____________________
(1) الصافات. الآية 113.
(2) هو المولى شمس الدين الهروي الحنفي نزيل مكة.
(3) قال في الدستور (ج 1 ص 111 ط حيدر آباد) ما لفظه: الأسلوب الحكيم هو تقديم الأهم تعريضا للمتكلم على ترك الأهم وكذا في رسالة الحدود الجرجاني (ص 40 ط مصر).