استدلال قوي، لأن الاجماع واقع (1) على أن إخوة يوسف صاروا أنبياء بعد إلقاء يوسف في الجب وغيره من الذنوب التي لا شك أنها كبائر، وهذا الرجل ما تعرض بجوابه إلا بالفحش والخزعبلة (2) واللوذعية (3) كالرعاع (4) والأجلاف (5) السوقية،
والمعتزلة يثبتون الوقوع وهو لا يقدر على الدفع ويبحث معهم في الجواز، وهذا من غرائب أطواره في البحث، ثم ما ذكر أن البحث مع
الأشاعرة ساقط لأنهم يجوزون تعذيب المكلف وغيره من الطامات، وقد
عرفت فيما سبق جواب كل ما ذكر وأن
الحسن والقبح شرعيان بمعنى وعقليان بمعنيين آخرين، وعلمت أن كل ما ذكره بمذهبهم ولا يرد عليهم شئ وأنهم لا يخالفون ضرورة العقل انتهى أقول دعوى الاجماع ممنوع، وإنما ذهب من ذهب إلى كونهم أنبياء من تفسيره الاجتباء بالنبوة في قوله تعالى (6): وكذلك يجتبيك ربك ويعلمك من تأويل الأحاديث ويتم نعمته عليك وعلى آل يعقوب كما أتمها على أبويك من قبل إبراهيم وإسحاق. الآية وليس الاجتباء صريحا ولا ظاهرا في هذا المعنى كما يشعر به قوله تعالى: وكذلك يجتبيك، فإن معناه على ما ذكره فخر الدين الرازي في تفسيره كما
____________________
(1) العجب من هذا الرجل حيث يدعي أمورا لا يوجد لها مستند تاريخي ولا نقلته النقلة من الفريقين، وظني أنه كلما عجز عن الجواب عن الاعتراض نسج من عنده حبرا فضلية يريد بها التمويه والاغفال.
(2) الخزعبلة: المزاح (3) اللوذع واللوذعي الخفيف كما في القاموس (4) الرعاع: سفلة الناس (5) جمع الجلف بالفتح: الأحمق.
(6) يوسف. الآية 6