قال المصنف رفع الله درجته وفي الجمع بين الصحيحين (1) أن رسول الله (ص) قال في صفة حالة الخلق يوم القيامة: وأنهم يأتون آدم ويسألونه الشفاعة فيعتذر إليهم فيأتون نوحا فيعتذر إليهم فيأتون إبراهيم فيقولون يا إبراهيم أنت نبي الله وخليله من أهل الأرض اشفع لنا إلى ربك أما ترى ما نحن فيه؟ فيقول لهم: إن ربي قد غضب غضبا لم يغضب قبله ولن يغضب بعده مثله، وإني قد كذبت ثلاث كذبات نفسي نفسي اذهبوا إلى غيري، وفي الجمع بين الصحيحين (2) أن رسول الله (ص) قال لم يكذب إبراهيم النبي (ع) قط إلا ثلاث كذبات، كيف يحل لهؤلاء نسبة الكذب إلى الأنبياء وكيف يبقى الوثوق بشرائعهم مع الاعتراف بتعمد كذبهم انتهى.
قال الناصب خفضه الله أقول: قد عرفت فيما مضى أن الاجماع واقع على وجوب عصمة الأنبياء عن الكذب وأما الكذبات المنسوبة إلى إبراهيم لما صح الحديث فالمراد منه صورة الكذب لا حقيقته كما قال: بل فعله كبيرهم هذا فسئلوهم إن كانوا ينطقون (3)، وكان مراده إلزامهم، ونسبة الفعل إلى كبيرهم، لأن الفأس الذي كسر به الأصنام وضعه على رقبة كبير الأصنام فالكذب المأول ليس كذبا في الحقيقة، بل هو صورة الكذب إذا كان التأويل ظاهرا وهذا لا بأس به عند وقوع الضرورة انتهى.
____________________
(1) رواه المسلم في رواية طويلة (ج 1 ص 8 - 127 ط مصر) والبخاري (ج 4 ص 141 ط مصر) (2) رواه في صحيح البخاري بسندين عن أبي هريرة (ج 4 ص 140 ط مصر) وفي صحيح مسلم (جزء 7 ص 98 طبع صبيح).
(3) الأنبياء الآية 63.
(3) الأنبياء الآية 63.