المعجزة، فإن مدلوله
صدق اللهجة (وعدم كذبه ظ) فيما يخبر عن الله تعالى لا عمدا ولا سهوا، ومعنى التغير باطل، فإنا نجوز أن ينبئ الله تعالى كافرا ويؤيده بالمعجزة انتهى، وظني أن هذا الاضطراب والاختلاف منهم إنما هو لأنهم إذا نظروا إلى علو شأن
الأنبياء عليهم السلام قالوا بعصمتهم في الجملة، وإذا نظروا إلى حال أبي بكر وعمر وعثمان وأنه يلزم من عدم العصمة في الواقع عدم صلاحيتهم لأن يكونوا خليفة ونائبا عن
رسول الله (ص) ندموا عما قالوا أولا، وقالوا لحفظ حالهم وخلافتهم: إن الأنبياء أيضا ليسوا بمعصومين، ويحتمل أن يكون الاختلاف لاختلاف طبائعهم في الاتصاف بالحياء عن الخالق والخلائق وعدمه فتأمل، فإن الفكر فيهم طويل (1)، وأما سابعا فلأن ما ذكره بقوله: والغرض أن كل ما ذكر هذا الرجل مما يترتب على ذنوب
الأنبياء عليهم السلام من لزوم إبطال
حجة الله، فمذهب
الأشاعرة عنه برئ، وهم ذكروا هذه الدلائل الخ مدفوع، بأن غرضه هذا مشوب بالحيلة والتلبيس كغيره من المقدمات السابقة، فإن المصنف إنما رتب إبطال
حجة الله تعالى على ما نسبوا إلى
النبي (ص) من اعترافه بحقية الأصنام وكون صدور مثل ذلك عنه (ص)
يبطل حجته مما لا يمكن إنكاره، وقد
عرفت مما أسبقناه استعماله التمويه والتلبيس أيضا في قوله: وهم ذكروا هذه الدلائل، لما ذكرنا من أنهم إنما أقاموا هذه الدلائل على عصمة الأنبياء بعد
البعثة لا قبلها، ولا نسلم حجية من صدر عنه الكفر وغيره من الكبائر قبل
البعثة كما سنبينه إن شاء الله تعالى وأما ثامنا فلأن ما ذكره من أن
الأشاعرة يقولون، لا تجب عصمة الأنبياء عن الصغائر، لأنها معفوة بنص الكتاب الخ، مردود بأن استعقاب بعض الذنوب للعفو
____________________
(1) حيث إنه لا يجوز صدور المعصية عن الأنبياء حفظا لمقام غيرهم إلا من انسلخ عن الفطرة الانسانية وسلب دثار الحياء وشعاره مع أنه قال صلى الله عليه وآله: الإيمان عريان ولباسه الحياء.