شرح إحقاق الحق - السيد المرعشي - ج ٢ - الصفحة ٨٨
أقول قد سبق (1) دفع أجوبة الناصب على التفصيل الذي يرتضيه أصحاب التحصيل فليراجع إليه، وأما ما ذكره من معارضة تلك الآيات بالآيات الدالة على أن جميع الأفعال بقضائه وقدره، فمردود بأن الآيات التي استدل بها المصنف من قوله تعالى: تبارك الله أحسن الخالقين ونحوها خاص، والتي استدل بها الأشاعرة عام، فيجب حمل العام على الخاص كما تقرر في الأصول بأن يراد من الآيات العامة ما عدا أفعال العباد فلا معارضة، وأيضا لما اختلت الأدلة العقلية للأشاعرة، وقد أتممنا الدلائل العقلية الدالة على مذهب أهل العدل يجب حفظ ظواهر هذه الآيات بمطابقتها العقل وصرف الآيات التي تمسك بها الأشاعرة عن ظواهرها لمخالفتها إياه، وأما ما ذكره في تأويل قوله تعالى: تبارك الله أحسن الخالقين، فمردود بما ذكرنا من وجوب حفظ ظاهره مع أن كلا من التأويلين الذين ذكرهما أوهن من نسج العنكبوت (2)، وأسخف منت تأويلات ملاحدة (3) الموت، وأما ما ذكره بقوله:
____________________
(1) الجزء الأول ص 291 (2) متخذ من قوله تعالى في سورة العنكبوت. الآية 41.
(3) هؤلاء فرقة انتحلوا إلى الاسلام ويعبر عنهم في كتب المذاهب والأديان تارة بالملاحدة وأخرى بالباطنية وثالثة بالإباحية ورابعة بالدعوتية وخامسة بالإسماعيلية، وسادسة بالزنادقة وسابعة بالصباحية وبالجملة لهم مقالات منكرة جعل لكل آية من الكتاب تفسيرا ولكل خبرا تأويلا، قد خلطوا كلامهم ببعض كلام الفلاسفة فقالوا في حقه سبحانه هو ليس بموجود ولا لا موجود، لا قادر ولا عاجز، لا حادث ولا قديم، لا حي ولا لا حي، لا مريد ولا كاره، لا يصير ولا لا يصير، لا سميع ولا لا سميع، التزموا بارتفاع التكليف عن الخلق وقالوا: لا صلاة ولا صيام، ولا حج ولا غيرها من العبادات، والتزموا بنفي الحرمة عن المحرمات الإلهية.
وقدوتهم الحسن بن صباح الملقب بالعباد، وبالجملة هم قوم كفرهم علماء الاسلام من الخاصة والعامة، وكان الحسن من جملة تلامذة ابن عطاش الطبيب الذي ملك قلعة أصفهان فساح الحسن وجال في بلاد خراسان صمر والشام والجزيرة وديار بكر وما وراء النهر و أضل أقواما إلى أن وصل قلعة الموت وأخرج منها حاكمها العلوي إلى دامغان، وكانت مدة تملك الحسن القلعة ستا وعشرين سنة، مبدئه من شعبان سنة 483، مات سنة 518 كما في لسان الميزان الجزء الثاني الصفحة 214 طبع حيدر آباد وتاريخ ابن الأثير الجزء العاشر ص 118 ط مصر.
وزاد تابعوه في الطنبور نغمة أخرى من الاتحاد والحلول والتناسخ وإباحة المحارم كما عزيت إليهم في كتب السير والتواريخ.
ثم أن الموت الموت فتح الهمزة واللام وضم الميم قلعة في نواحي قزوين واقعة بينها وبين الديلم، وكانت هذه النواحي في ضمان السيد شرف شاه الجعفري، وقد استناب فيها رجلا علويا إلى أن انتزعها من يده الحسن بن صباح، ومن رام الوقوف على تفصيل سيرته وسير تابعيه فليراجع إلى تاريخ ابن الأثير الجزء العاشر ص 117 وما يليها.
(٨٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 83 84 85 86 87 88 89 90 91 92 93 ... » »»
الفهرست