أقول قد وقع في رواية مسلم (1) عن أبي سفيان عن
أبي هريرة صلى بنا
رسول الله (ص) في
ركعتين فقام ذو اليدين فقال: أقصرت
الصلاة أم نسيت، فقال
رسول الله (ص) كل ذلك لم يكن، فقال: قد كان بعض ذلك يا رسول الله وفي رواية قد نسيت، وقد يقدح في صحة هذه الرواية أولا كون راويها
أبا هريرة، والله أعلم بحال الوسائط وسيجئ في المبحث الخامس من مباحث الإمامة وجه القدح في رواية
أبي هريرة إن شاء الله تعالى، وثانيا أنها تنافي ما علم من إخلاص ذي الشهادتين واعتقاد كون
النبي (ص) منزها عن الجور والبهتان والسهو
والنسيان حتى
شهد للنبي (ص) في قضية دعوى الأعرابي بمجرد علمه بعصمة
النبي (ص) وصدقه من غير أن يكون له اطلاع على أصل القضية ومن غير أن يحتمل في شأنه (ص) شيئا من
السهو والنسيان في ذلك، وثالثا أنه لما كان
ذو الشهادتين عدلا بل حكم
النبي (ص) بقيام شهادته مقام
شهادة العدلين كيف لم يقبل
النبي (ص) خبره بانفراده واحتاج معه إلى استشهاد غيره من الرجلين، وقال المصنف رفع الله درجته في
كتاب تذكرة الفقهاء (2): خبر ذي اليدين عندنا باطل، لأن
النبي (ص) لا
يجوز عليه
السهو مع أن جماعة من أصحاب الحديث طعنوا فيه، لأن راويه
أبو هريرة وكان إسلامه بعد موت ذي اليدين
____________________
(1) رواه في التاج الجامع للأصول (ج 1 ص 233 ط مصر) وتتمته: فأقبل رسول الله (ص) على الناس فقال: أصدق ذو اليدين فقالوا: نعم يا رسول الله، فأتم رسول الله ما بقي من الصلاة ثم سجد سجدتين وهو جالس بعد التسليم. رواه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي.
(2) فراجع كتاب الصلاة من التذكرة باب أحكام السهو. وكذا فيه قبل الشروع بأحكام صلاة الجمعة بقليل.