وكذا من لا يحتج به لاعتضاد بعضها ببعض (إنتهى كلامه)، ثم أقول إن من اللطائف التي ينبغي أن تذكر في هذا المقام ما روي (1) في
كتاب عيون أخبار الرضا عن المأمون العباسي أنه قال مخاطبا لواحد (2) من علماء أهل السنة: وإني لأتعجب من روايتكم: أن
النبي (ص) قال: دخلت الجنة فسمعت حس (خفق خ ل) نعلين فإذا مولى (3) مولى أبي بكر وقد سبقني إلى الجنة، وذلك لأن الشيعة قالت (وإنما قالت الشيعة خ ل) علي خير من أبي بكر فقلتم في روايتكم هذه عبد أبي بكر خير من
الرسول (ص)، لأن السابق أفضل المسبوق وهذا نظير ما رويتم أيضا أن الشيطان يغر من حس عمر وألقى على لسان
رسول الله (ص) وأنهن الغرانيق العلى ففر من عمر وألقى على لسان
رسول الله (ص) الكفر (إنتهى) أقول: لا أدري أن من قال بصحة هذه القصة ووقوع كلمة الكفر على لسان
النبي (ص)، كيف يجمع بينه وبين قوله تعالى في شأنه في صدور هذه السورة: وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى (4) اللهم إلا أن يقال: إن هذه الآية نزلت بعد وقوع تلك القصة وجوز صدور كلمة الكفر عنه قبل ذلك، وليس بمستنجد منهم القول به، إذا قالوا بوقوع أصل القصة التي هي أفسد وأشنع كما لا يخفى، وأما الخامس عشر فلأن الجواب الذي نسبه إلى
الأشاعرة بقوله:
والأشاعرة أجابوا الخ قد نقل القاضي عياض (5) في الشفا أصله عن الكلبي حيث قال: إن
النبي (ص) حدث نفسه فقال
____________________
(1) رواه في عيون أخبار الرضا (ص 314 ط طهران).
(2) وهو يحيى بن أكثم.
(3) رواه صاحب البيان والتعريف هكذا: ورأيت شياطين الإنس والجن فروا من عمر (ج 2 ص 55) (4) النجم. الآية 3.
(5) قد مرت ترجمته قبيل ذلك فراجع.