أقول قد سبق في الفصل الذي ذكره الناصب أن تفصيل المراتب على الوجه الذي ذكره لا يسمن ولا يغني عن جوع، وأن ما ظنه افتراء من المصنف عليهم من قبيل أن بعض الظن إثم، لكن الناصب العاجز المسكين حيث لا يقدر على إخراج نقد من كيسه يموه للشغب، (1) فتارة يعيد المزيف من كلام أصحابه، وتارة ينكر مذهبه، وأخرى يطير من غصن إلى غصن، ولا محيص له بشئ من ذلك إن شاء الله تعالى.
قال المصنف رفع الله درجته الخامس أن يكون الفعل ما يستحق به الثواب، وإلا لزم العبث والظلم على الله تعالى، وخالفت الأشاعرة فيه فلم يجعلوا الثواب مستحقا على شئ من الأفعال، بل جوزوا التكليف بما يستحق عليه العقاب وأن يرسل رسولا يكلف الخلق فعل جميع القبائح وترك جميع الطاعات، فلزمهم من هذا أن يكون المطيع المبالغ في الطاعة من أسفه الناس وأجهل الجهلاء وحيث يتعب بماله وبدنه في فعله شيئا ربما يكون هلاكه فيه، وأن يكون المبالغ في المعصية والفسوق أعقل العقلاء، وضع المدارس والربط والمساجد من أنقص التدبيرات البشرية حيث يخسر الأموال فيما لا نفع له ولا فائدة عاجلة ولا آجلة (إنتهى).
قال الناصب خفضه الله أقول: شرط الفعل الذي يقع به التكليف أن يكون مما يترتب عليه الثواب في
____________________
(1) تهييج الشر.