منحصر في الكتاب والسنة والاجماع، والكل مفقود هيهنا باعتراف
الخصم كما سيظهر لك قريبا، وأيضا
وجوب نصبه على الأمة يقتضي أنهم إذا لم يتفقوا لم يحصل انعقاد الإمامة، بل يجب إعادة النظر مدة بعد أخرى، وقد لا يثمر شيئا من ذلك اتفاقهم لاختلاف الآراء غالبا وهو
يبطل تعليقها على رأي الأمة وإلا لزم تعذر نصب الإمام أو
جواز عمل كل فريق برأيه فيكون منصوب كل فريق إمام عليهم خاصة وهو خلاف المطلوب، وأما قوله: تواتر إجماع المسلمين على امتناع خلو الوقت وهو خلاف فلأن امتناع خلو الزمان (الوقت خ ل) عن الإمام أعم من أن يكون منصوبا من الله ورسوله أو من قبل الأمة، ولا دلالة للعام على الخاص، فلا يستلزم المطلوب مع أن الاجماع المذكور
حجة عليهم، لأنا نجد كثيرا من الزمان خاليا عن إمام جامع للشرائط المعتبرة عندهم وهي القرشية عندهم بالاتفاق، والعدالة والاجتهاد على الخلاف، والقول بوجوده في ناحية غير معلومة مكابرة، وأما قوله: فبادر الكل، فلأن هذا الكل كان بعضا من الكل باتفاق الكل فلا يكون
حجة على الكل عند الكل، ولأنه يحتمل أن تكون المبادرة للتفحص عن إمام منصوب من الله تعالى ورسوله، وأما قوله: وتركوا أهم الأشياء فلأن الذي ترك الإمام ودفن الرسول كان جائرا جاهلا زنديقا (1) لا عالما عادلا صديقا، فليس ذلك مستلزم للمطلوب لقيام الاحتمال المذكور، والشيعة يستدلون بفعلهم الشنيع هذا على عصيانهم بل عدم إيمانهم واختيارهم الدنيا على الآخرة وذلك لأنهم يذكرون حديثا وهو أنه من صلى على مغفور غفر له ذنوبه (2) فلو كانوا مصدقين بما جاء به
النبي (ص) لما أعرضوا عن هذه السعادة الكبرى والمغفرة العظمى مع أن المصلحة والمشورة في أمور الدين والدنيا ما يفوت بيوم أو يومين، فلو كان لهم إيمان ومروة لصبروا
للصلاة عليه (ص) والتعزية
لأهل البيت عليهم السلام وإدخالهم في المشورة، إذ النزاع كان معهم
____________________
(1) الزندقة الكفر باطنا مع التظاهر بالإيمان.
(2) رواه في مجمع الزوائد (ج 10 ص 160 ط مصر)