على هذا الحال المورث للفساد وضع يده المباركة على منكب
علي (ع) وأخرى على منكب الفضل بن عباس وخرج إلى
المسجد ونحى أبا بكر عن المحراب، فصلى بالناس حتى لا تصير إمامة أبي بكر موجبة للخلل في الدين، ويعضد ذلك ما رواه (1) البخاري بإسناده إلى عروة فوجد
رسول الله (ص) من نفسه خفة فخرج إلى المحراب فكان أبو بكر يصلي بصلاة
رسول الله (ص) والناس يصلون بصلاة أبي بكر أي بتكبيره انتهى، ولقد ضحك (2) السيد الشريف الجرجاني على لحية القوم في شرحه للمواقف فإنه ذكر هذه الرواية وحيث رأى أنها مخالفة لأصل ما وضعوه واخترعوه من رواية ايتمام الناس بأبي بكر فضلا عن رواية ايتمام
النبي (ص) به حملها على أنه كان في وقت آخر وفيه ما فيه، وأيضا لو كان خبر تقديم أبي بكر في
الصلاة صحيحا كما زعموا وكان مع صحته دالا على على إمامته لكان ذلك نصا من
النبي (ص) بالإمامة ومتى حصل النص لا يحتاج معه إلى غيره، فكيف لم يجعل أبو بكر
وأصحاب السقيفة ذلك دليلا على إمامة أبي بكر وكيف لم يحتجوا به على الأنصار؟ وكيف بنوا الخلافة على المبايعة التي حصل عليهم فيها الاختلاف والاحتياج إلى اشتهار السيوف وعدلوا عن الاحتجاج بالنص المذكور؟ مع ظهور أن العاقل لا يختار الأعثر الأصعب مع وجود الأسهل
____________________
(1) قد ذكرت ترجمته في جامع الأصول (ج ص 436 إلى ص 439) عدة روايات بهذا المضمون منها ما نقله عن البخاري بسنده إلى عروة وغيره فراجع.
(2) فراجع شرح المواقف ج 2 ص 469 طبع الآستانة.