ولا يخفى فساده على من له أدنى معرفة بالأصول لأن إثبات حجية القياس في غاية الإشكال وعلماء
أهل البيت عليهم السلام والظاهرية (1) من أهل السنة وجمهور
المعتزلة ينفون حجيته ويقيمون على قولهم حججا عقلية ونقلية وسيجئ نبذ منها في بحث القياس من مسائل
أصول الفقه، ولغيرهم أيضا في أقسامه وشرائطه اختلاف كثير، وعلى تقدير ثبوت ذلك الذي دونه خرط القتاد إنما يكون القياس فيما إذا كان هناك علة في الأصل ويكون الفرع مساويا للأصل في تلك العلة، وهيهنا العلة مفقودة بل علة الفرق ظاهر لأن
الصلاة خلف كل بر وفاجر جايز عندهم بخلاف الخلافة إذ شرطوا فيها العدالة والشجاعة والقرشية وغيرها، وأيضا أمر إمامة
الجماعة أمر واحد لا يعتبر فيه العلم الكثير ولا الشجاعة والتدبير وغيرها مما يشترط عندهم في الخلافة فإنها لما كانت سلطنة وحكومة في جميع أمور الدين والدنيا يحتاج إلى علوم وشرائط كثيرة لم يكن شئ منها موجودا في أبي بكر وأخويه فلا يصح قياس هذا بذاك وقول بعضهم: إن
الصلاة من أمور الدين والخلافة من أمور الدنيا غلط ظاهر، لأن المحققين
____________________
(1) هم فرقة من المسلمين تركوا الأقيسة والاستحسانات والآراء في الأحكام وحصروا المستند في الكتاب والسنة آخذين بالظواهر المحضة ولكنهم أفرطوا في ذلك بحيث ذهبوا إلى إسناد التجسم إليه تعالى وإثبات الأعضاء له أخذا بظاهر يبصر ويبطش و استوى ونحوها، ورئيسهم داود الأصفهاني، ومن عظمائهم ابن حزم الأندلسي كما يفصح عن ذلك كتاباه المحلي والفصل وغيرهما، وقد مرت ترجمتهما وما يتعلق بهؤلاء في أوائل الكتاب فراجع.