إذا ما رأى فاضلا في الأنام * بفضلة فيه لقد دنسه يلوث المطهر بما فضله * فضول أصفهاني ما أنجسه قال المصنف رفع الله درجته المبحث الثاني في أن الإمام يجب أن يكون أفضل من الرعية، اتفقت الإمامية (1) على ذلك وخالف فيه الجمهور فجوزوا تقديم المفضول على الفاضل وخالفوا مقتضى العقل (2)
____________________
(1) وكذا الزيدية أبو عذبة من الماتريدية.
(2) قد بينا في التعاليق السابقة شؤون الإمام والمراد منه ودلالة العقل على وجوب نصبه من قبل الله تعالى وكون الاعتقاد به من أصول الاسلام، فيكون تصدي الناس لنصب إمام آخر قياما في قباله تعالى شأنه العزيز، فلا تصل النوبة إلى وجوه الترجيح في انتخاب الإمام ومع ذلك تعرض المصنف للبحث فيه مما شاة لهم فذكر مخالفة الأشاعرة لمقتضى حكم العقل بعدم جواز تقديم المفضول على الفاضل وتوضيحه أن جهات الفضيلة تنحصر في قسمين أحدهما الفضائل الناشئة من المولد كالحسب والشرف والنسب وثانيهما الفضائل الشخصية الغير المنوطة بالمولد وجامعها ما يحصل به ارتقاء النفس إلى مدارج الكمال فمنه ما يحصل للنفس بلا واسطة الجوارح ومدخلية الأعمال الصادرة عنها فيه ومنه ما يحصل للنفس من ناحية الأعمال الصادرة عن الجوارح والأعضاء، ولا يحصل الكمال العملي الحاصل من ناحية العمل إلا بأمور الأول القوة الورعية الشديدة الباعثة للنفس إلى طاعة الله والملزمة لها عليها الثاني الشجاعة المانعة عن تأثير أهواء النفوس الأخر في ردعه عن ملازمة التقوى والطاعة الثالث العلم بالمعارف الحقة والأحكام الشرعية كلياتها وتفاصيلها ودقايقها الرابع العلم بكيفية تطبيقها على الخارجيات من المعرفة بجزئيات الأمور لتتشخص موضوعات الأحكام عنده وإلا لا يكون عاملا بالحق بمجرد العلم بالكبريات بل يتوقف على العلم بالصغريات لتترتب عليهما فعلية تلك الكليات وتعينها وتحققها في الخارج، إذا عرفت ذلك فنقول: الإمام إنما يكون أفضل من غيره إذا كان حائرا للفضائل المولدية والكمالات النفسانية والعملية المتوقفة على كونه عالما بالدين والمعارف الحقة والحقايق الإلهية والأحكام الشرعية، عارفا بالمصالح الواقعية وبأهمها ومهمها وما يحفها من المفاسد ورجحان أية مصلحة على أية مفسدة وأي مفسدة على أي مصلحة، ويكون له من الورع الشديد والتقوى الأكيد ما يحجزه عن الإقدام على خلافة مصلحة من المصالح الشرعية ويلزمه على العمل بجميع ما تقتضيه على دقايقها، ومن قوة النفس والشجاعة ما لا يهاب معها في سلوك طريق الحق عن الناس ولو تظاهروا عليه بأجمعهم ومن هذه حاله يكون أعلم وأقدر وأعمل بأمور الدين ونشره وترويجه وإجراء أحكامه ونصب القضاة والحكام والولاة وأعرف بمواقعها وكيفية العمل بها من المعرفة بأحوال الأشخاص وكيفية انفاذ المصالح الشرعية فيهم فيكون ترجيح الغير عليه مخالفا لبديهة العقل
(2) قد بينا في التعاليق السابقة شؤون الإمام والمراد منه ودلالة العقل على وجوب نصبه من قبل الله تعالى وكون الاعتقاد به من أصول الاسلام، فيكون تصدي الناس لنصب إمام آخر قياما في قباله تعالى شأنه العزيز، فلا تصل النوبة إلى وجوه الترجيح في انتخاب الإمام ومع ذلك تعرض المصنف للبحث فيه مما شاة لهم فذكر مخالفة الأشاعرة لمقتضى حكم العقل بعدم جواز تقديم المفضول على الفاضل وتوضيحه أن جهات الفضيلة تنحصر في قسمين أحدهما الفضائل الناشئة من المولد كالحسب والشرف والنسب وثانيهما الفضائل الشخصية الغير المنوطة بالمولد وجامعها ما يحصل به ارتقاء النفس إلى مدارج الكمال فمنه ما يحصل للنفس بلا واسطة الجوارح ومدخلية الأعمال الصادرة عنها فيه ومنه ما يحصل للنفس من ناحية الأعمال الصادرة عن الجوارح والأعضاء، ولا يحصل الكمال العملي الحاصل من ناحية العمل إلا بأمور الأول القوة الورعية الشديدة الباعثة للنفس إلى طاعة الله والملزمة لها عليها الثاني الشجاعة المانعة عن تأثير أهواء النفوس الأخر في ردعه عن ملازمة التقوى والطاعة الثالث العلم بالمعارف الحقة والأحكام الشرعية كلياتها وتفاصيلها ودقايقها الرابع العلم بكيفية تطبيقها على الخارجيات من المعرفة بجزئيات الأمور لتتشخص موضوعات الأحكام عنده وإلا لا يكون عاملا بالحق بمجرد العلم بالكبريات بل يتوقف على العلم بالصغريات لتترتب عليهما فعلية تلك الكليات وتعينها وتحققها في الخارج، إذا عرفت ذلك فنقول: الإمام إنما يكون أفضل من غيره إذا كان حائرا للفضائل المولدية والكمالات النفسانية والعملية المتوقفة على كونه عالما بالدين والمعارف الحقة والحقايق الإلهية والأحكام الشرعية، عارفا بالمصالح الواقعية وبأهمها ومهمها وما يحفها من المفاسد ورجحان أية مصلحة على أية مفسدة وأي مفسدة على أي مصلحة، ويكون له من الورع الشديد والتقوى الأكيد ما يحجزه عن الإقدام على خلافة مصلحة من المصالح الشرعية ويلزمه على العمل بجميع ما تقتضيه على دقايقها، ومن قوة النفس والشجاعة ما لا يهاب معها في سلوك طريق الحق عن الناس ولو تظاهروا عليه بأجمعهم ومن هذه حاله يكون أعلم وأقدر وأعمل بأمور الدين ونشره وترويجه وإجراء أحكامه ونصب القضاة والحكام والولاة وأعرف بمواقعها وكيفية العمل بها من المعرفة بأحوال الأشخاص وكيفية انفاذ المصالح الشرعية فيهم فيكون ترجيح الغير عليه مخالفا لبديهة العقل