بأفعالهم فعليا فلا مدخل له في الوجوب هذه الأفعال أو امتناعها كما توهمه صاحب الشبهة، وهيهنا دفع آخر تركناه على ذوي الأفهام لضيق المقام.
قال المصنف رفع الله درجته وأما المعارضة في الوجهين فإنهما آتيان في حق واجب الوجود تعالى فإنا نقول في الأول: لو كان الله تعالى قادرا مختارا فإما أن يتمكن من الترك أو لا، فإن لم يتمكن من الترك كان موجبا مجبرا على الفعل لا قادرا مختارا، وإن تمكن فإما أن ترجح أحد الطرفين على الآخر أو لا، فإن لم يترجح لزم وجود الممكن المتساوي من غير مرجح، فإن كان محالا في حق العبد كان محالا في حق الله لعدم الفرق، وإن ترجح فإن انتهى إلى الوجوب لزم الجبر وإلا تسلسل أو وقع التساوي من غير مرجح، فكل ما تقولونه هيهنا نقوله نحن في حق العبد انتهى.
قال الناصب خفضه الله أقول: ذكر صاحب المواقف هذا الدليل في كتابه، وأورد عليه أن هذا ينفي كون الله تعالى قادرا مختارا لامكان إقامة الدليل بعينه (الدلالة بعينها خ ل)، فيقال:
لو كان تعالى موجدا لفعله بالقدرة استقلالا فلا بد أن يتمكن من فعله وتركه، وإن يتوقف فعله على مرجح إلى آخر ما مر تقريره وأجيب عن ذلك بالفرق بأن إرادة العبد محدثة أي الفعل يتوقف على مرجح هو الإرادة الجازمة لكن إرادة العبد محدثة لكن ينتهي إلى إرادة يخلقها الله فيه بلا إرادة واختيار منه دفعا للتسلسل في الإرادات التي نفرض صدورها عنه، وإرادة الله قديمة فلا تفتقر إلى إرادة أخرى، فظهر الفرق واندفع النقض.