قال الناصب خفضه الله أقول: هذا أيضا من غرائب الاستدلالات فإن نعمة الله تعالى على الكافر محسوسة، والهداية أعظم النعم وإرسال الرسول وبث الدلائل العقلية كلها نعم عظام، والكافر استحق دخول النار بالمباشرة والكسب، والخلق من الله تعالى ليس بقبيح، ثم ما ذكر من لزوم عدم كون الكافر منعما عليه يلزمه أيضا بإدخاله النار فإن الله تعالى يدخل الكافر ورجحه واختاره. قلنا: في مذهبنا أيضا كذلك وإدخاله لكونه باشر الكفر وكسبه وعمل به، ولو كان الواجب على الله تعالى أن ينعم على الكافر وهو المفهوم من ضرورة الدين لكان الواجب عليه أن لا يدخل النار بأي وصف كان الكافر، لأنه يلزم أن لا يكون منعما عليه وهو خلاف ضرورة الدين، وأمثال هذه الاستدلالات ترهات (1) ومزخرفات (إنتهى).
أقول قد مر أن الكسب غير معقول، أو غير
مفيد في أثبات مدعاهم، وأما ما ذكره، من أن ما قاله المصنف: من لزوم عدم كون الكافر منعما عليه يلزمه أيضا بإدخاله النار، ففيه أن المصنف قد صرح بالتزام ذلك حيث قال: ولو كان خلقه للعقاب في نار جهنم لم يكن له عليه نعمة أصلا، فإن نعمة الدنيا مع عقاب الآخرة لا تعد
____________________
(1) الترهات جمع الترهة بضم التاء المثناة الفوقانية وفتح الراء المشددة: الأباطيل والدواهي. الطرق الصغار.