قال المصنف رفع الله درجته الثالث فهم المكلف، فلا يصح تكليف من لا يفهم الخطاب قبل فهمه، وخالفت الأشاعرة في ذلك، فلزمهم التكليف بالمهمل وإلزام للمكلف معرفته ومعرفة المراد منه مع أنه لم يوضع لشئ البتة ولا يراد منه شئ أصلا، فهل يجوز للعاقل أن يرضى لنفسه إلى هذه الأقاويل؟ (إنتهى).
قال الناصب خفضه الله أقول: مذهب الأشاعرة أنه لا يصح خطاب المكلفين بما لا يفهمونه مما يتعلق بالأمر والنهي، وما لا يتعلق به اختلف فيه، فذهب جماعة منهم إلى جواز المخاطبة بما لا يفهمه المكلف كالمقطعات في أوائل السور، ولكن ليس هذا مذهب العامة (إنتهى).
أقول كفى في صدق كلام المصنف كون ذلك مذهبا لجماعة من الأشاعرة كما اعترف الناصب وأما التشنيع في ذلك فراجع إلى الكل بدليل قول شاعرهم:
جه از قومي يكي بي دانشي كرد * نه كه را منزلت مانده نه مه را قال المصنف رفع الله درجته الرابع: إمكان الفعل (1) من المكلف فلا يصح التكليف بالمحال، وخالفت
____________________
(1) إعلم أن مخالفة الأشاعرة في هذه المسألة مبنية على ما أصلوه في باب العقليات من إنكار الحسن والقبح العقليين، فارتكبوا خلاف بديهة العقل فتفرع عليه القول بالمناكير في كثير من المسائل كالمسألة المبحوثة عنها فيما نحن فيه وإلا فاشترط إمكان الفعل من المكلف مما لا ينبغي البحث عنه، وقد ألجأ المصنف العلامة إليه ما ارتكبته الأشاعرة من مخالفة بديهة العقل.