أقول لما اعترف الناصب، بأن صدور الفعل عن أحدنا محسوس، فاحتمال صدوره عن غيره يكون سفسطة وإنكار للمحسوسات في البديهيات، ومكابرة على صريح العقل والتجاوز عن ظاهر النقل فتأمل (1).
قال المصنف رفع الله درجته ومنها مخالفة إجماع الأنبياء والرسل فإنه لا خلاف في أن الأنبياء أجمعوا على أن الله تعالى أمر عباده ببعض الأفعال، كالصلاة والصوم، نهى عن بعضها كالظلم والجور، ولا يصح ذلك إذا لم يكن العبد موجدا، إذ كيف يصح أن يقال: ايت بفعل الإيمان والصلاة ولا تأت بالكفر والزنا مع أن الفاعل لهذه الأفعال والتارك لها هو غيره، فإن الأمر بالفعل يتضمن الإخبار عن كون المأمور قادرا عليه حتى أنه لو لم يكن المأمور قادرا على المأمور به لمرض أو سبب آخر، ثم أمر غيره فإن العقلاء يتعجبون منه وينسبونه إلى الحمق والجهل والجنون، ويقولون: إنك تعلم أنه لا يقدر على ذلك ثم تأمره به، ولو صح هذا لصح أن يبعث الله رسولا إلى الجمادات مع الكتاب فيبلغ إليها ما ذكرناه، ثم إنه تعالى يخلق الحياة في تلك الجمادات، يعاقبها لأجل
____________________
(1) لعله إشارة إلى أن الناصب قصد من الصدور المحلية كما صرح بذلك مرارا.