إرادة الطعام ولكن العادة جرت بوقوعها، أما قوله: ولو كانت الأفعال صادرة من الله تعالى جاز أن يقع الفعل وإن كرهناه، فهذا أمر صحيح فإنا كثيرا ما نفعل الأشياء ونكرهها، وهذا الجواز مما لا ريب فيه، وليس في إنكار هذا الجواز نفي ما علم بالضرورة (إنتهى).
أقول ما ذكره من جواز عدم الوقوع عقلا هو عين الدعوى المخالفة التي يتكلم المصنف عليها، فإن العقل الصحيح لا يجوز عدم وقوع شرب الماء عند العطش مع حصول الدواعي وانتفاء الصوارف، فكيف تصير إعادتها جوابا ودفعا لما ذكره المصنف؟!
وأما ما ذكره بقوله: فإنا كثيرا ما نفعل الأشياء ونكرهها الخ فإن أراد أنا كثيرا ما نفعل الأشياء التي نكرهها قبل الفعل فوقوع هذا غير مسلم ومخالف للضرورة وإن أراد أنا كثيرا ما نفعل الأشياء ونكرهها بعد الفعل لظهور قبحه وكراهته على العقل بعد ذلك فمسلم، لكن المصنف إنما ادعى الضرورة في نفي وقوع الفعل مع كراهة العقل له قبل الفعل، وأما قوله: وليس في إنكار هذا الجواز نفى ما علم بالضرورة فغلط ظاهر، لأن المصنف قدس سره قد ادعى أن جواز وقوع الفعل مع كراهته مناف للضرورة فهو قدس سره منكر لذلك الجواز، لكونه منافيا للضرورة، فإيراد الناصب عليه بأنه ليس في إنكار هذا الجواز نفى ما علم بالضرورة كما ترى ليس فيه طائل، ولا يرجع إلى حاصل.
قال المصنف رفع لله درجته ومنها أنه يلزم تجويز ما قضت الضرورة بنفيه، وذلك لأن أفعالنا إنما تقع على الوجه الذي نريده ونقصده، ولا يقع منا على الوجه الذي نكرهه، فإنا نعلم بالضرورة