من المحققين (1) مردود بأن المحققين منهم إنما منعوا ذلك في زمان نبوتهم لا قبله فظهر التفاوت بين مذهبهم ومذهب الشيعة تفاوت ما بين الأرض والسماء، وقد صرح في المواقف وشرحه بما ذكرناه حيث وقع فيهما لنا على ما هو المختار عندنا وهو أن الأنبياء في زمان نبوتهم معصومون عن الكبائر مطلقا وعن الصغائر عمدا وجوه (الأول) إلى آخره، والظاهر أهم إنما جوزوا ذلك على الأنبياء ليدفعوا استبعاد خلافة خلفائهم الثلاثة مع سبق كفرهم، فكيف يرجع محققوهم عن ذلك، وأما خامسا فلأن قوله: فامتناع الكبائر منهم عمدا مستفاد من السمع وإجماع الأمة قبل ظهور المخالفين في ذلك لا يدفع تشنيع المصنف عنهم، لأن المخالفين في ذلك إنما هم جماعة من أهل السنة والجماعة، فيرجع وباله إلى جميعهم، وأما سادسا فلأن قوله: ونحن نذكر بعض الأدلة للاحتجاج بها على
الخصم لأنه موافق في هذه المسألة، مدخول بأن
الأشاعرة لم يوافقوا
الخصم من
المعتزلة والإمامية إلا فيما بعد النبوة، وأما قبلها فقد قال
الأشاعرة: بجواز صدور الكبائر
____________________
(1) وممن وافقنا من المعدودين من أكابر أهل السنة في الحكم بعصمة الأنبياء قبل البعثة وبعدها الشيخ الفاضل الموحد ابن العربي في كتاب المسمى بالفتوحات المكية، وذلك لأنه حكم بعصمة عموم آل النبي (ص) من الأئمة الاثني عشر وغيرهم من السادات بل حكم بعصمة سلمان الفارسي رضي الله عنه وأولاده ولدخوله في أهل البيت بمقتضى الحديث المشهور، فيكون مراده بعصمة من عدا الأئمة (ع) من جملة الآل عصمتهم من أول العمر إلى آخره إذ لا مجال هيهنا للتخصيص بما قبل البعثة وبعدها أو بما قبل الإمامة وبعدها، و من البين أن حكمه بعصمة من عدا الأنبياء عليهم السلام والأئمة عليهم السلام في جميع العمر يستلزم حكمه بعصمتهم على هذا الوجه المصنف في توضيح الآية الثانية والعشرون في مناقب أمير المؤمنين (ع) فارجع إليه منه (قدس سره)