وأصروا على الدفاع والامتناع، واحتجوا عليهم بما قال
رسول الله (ص) في علي من التوكيد في إمامته في مواطن شتى أمره إياهم بالتسليم عليه بإمرة المؤمنين فقال أبو بكر قد كان ذلك لكن نسخه
النبي (ص) بقوله: إنا أهل بيت كرمنا الله واصطفانا بالنبوة ولم يرض لنا بالدنيا وأن الله لا يجمع لنا النبوة والخلافة فصدقاه عمر وأبو عبيدة في ذلك وعللا قعود علي في بيته والاشتغال بتجهيز
النبي (ص) دون تصدي أمر الخلافة بعلمه بتحويل الأمر عنه، فقالت الأنصار إذا لا نرضى بإمارة غيرنا علينا منا أمير ومنكم أمير، وذكروا عن
رسول الله (ص) الأئمة من قريش وشبهوا الأمر على الأنصار وسائر الأمة وقطعوا بذلك حجتهم وأخذوا بيعتهم، ولما فرغ علي وأصحابه عن تجهيز
النبي (ص) ودفنه وتكلموا في ذلك اعتذروا تارة بأن الناس بايعوا ولم يكن لهم علم بأنك تنازعهم في الأمر، ونكث البيعة الواقعة يورث مفاسد بين المسلمين وخللا في أركان الدين، وتارة بأنهم
ظنوا أنك بشدة مصيبة
النبي (ص) طرحت الخلافة والإمارة، فاتفق
أصحاب النبي (ص) على تفويض الأمر إلى أبي بكر إلى غير ذلك من الأعذار التي ستجئ مع أجوبتها في الموضع اللائق بها، ومما يقلع عرق إنكارهم ويوضح رجوعهم على أدبارهم ما ذكره ابن (1) قتيبة وهو من أكبر شيوخ
____________________
(1) هو أبو محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة المروزي الأصل الكوفي الباهلي القبيلة، الأديب المؤرخ الكاتب الشاعر، له كتب منها أدب الكاتب طبع مرارا ومنها كتاب السياسة والإمامة طبع مرارا، ومن الأسف أنه قد دس وحرف في طبعاته الأخيرة بمصر، ومن ثم زال الاعتماد عليها، فكم له من نظير ومنها كتاب دلائل النبوة، ومنها كتاب طبقات الشعراء، ومنها كتاب عيون الأخبار، ومنها كتاب المعارف، ومنها كتاب مشكل الحديث، ومنها كتاب مشكل القرآن، وغيرها من الآثار التي سردها ابن النديم في الفهرست، توفي سنة 270، وقيل 271، وقيل 276 فراجع الريحانة (ج 6 ص 114 ط طهران).