قال المصنف رفع الله درجته المطلب الرابع عشر في أن القدرة صالحة للضدين (2)، ذهب جميع العقلاء إلى ذلك عدا الأشاعرة، فإنهم قالوا القدرة غير صالحة للضدين، وهذا مناف لمفهوم القدرة فإن القادر هو الذي إذا شاء أن يفعل فعل وإذا شاء أن يترك ترك، فلو فرضنا القدرة على أحد الضدين لا غير لم يكن الآخر مقدورا، فلم يلزم من مفهوم القادر أنه إذا شاء أن يترك ترك (إنتهى).
قال الناصب خفضه الله أقول: مذهب الأشاعرة أن القدرة الواحدة لا تتعلق بالضدين بناء على كون القدرة عندهم مع الفعل لا قبله، بل قالوا: إن القدرة الواحدة لا تتعلق بمقدورين مطلقا سواء كان متضادين أو متماثلين أو مختلفين لا معا ولا على سبيل البدل بل القدرة الواحدة لا تتعلق إلا بمقدور واحد، وذلك لأنها مع المقدور ولا شك أن ما نجده عند صدور أحد المقدورين مغاير لما نجده عند صدور الآخر مذهب المعتزلة ومن تابعهم من الإمامية أن قدرة العبد تتعلق بجميع مقدوراته المتضادة وغير المتضادة وأنا أقول: ولعل النزاع لفظي لا على الوجه الذي ذكره الإمام الرازي (3)، فإن الأشاعرة يجعلون كل فرد من أفراد القدرة الحادثة متعلقا بمقدور واحد وهو الكائن عند حدوث الفعل فكل فرد له متعلق، والمعتزلة يجعلون القدرة مطلقا متعلقة بجميع المقدورات، وهذا لا ينافي جعل كل فرد ذا تعلق واحد، والمعتزلي لا يقول
____________________
(1) اقتباس من قوله تعالى في سورة ص الآية 3.
(2) وسيأتي التفصيل في ذلك.
(3) قد مرت ترجمته في أوائل هذا المجلد. والجزء الأول ص 110.
(2) وسيأتي التفصيل في ذلك.
(3) قد مرت ترجمته في أوائل هذا المجلد. والجزء الأول ص 110.