قال الناصب خفضه الله أقول اعلم أن الأعواض مذهب المعتزلة ولهم على هذا الأصل اختلافات ركيكة تدل على فساد الأصل مذكورة في كتب القوم، وأما الأشاعرة فذهبوا إلى أن الله تعالى لا يجب عليه شئ لا عوض على الألم ولا غيره، لأنه يتصرف في ملكه ما يشاء، والعوض إنما يجب على من يتصرف في غير ملكه (1) نعم جرت عادة الله تعالى على أن المتألم بالآلام إما أن يكفر عنه سيئاته ويرفع له درجاته إن لم تكن له سيئات ولكن لا على طريق الوجوب عليه، وأما حديث العوض في أفعال الله تعال فقد مر بطلانه فيما سبق، وأما تعذيب الأطفال والأنبياء والأولياء ففيه فوائد ترجع إليهم من رفع الدرجات وحط السيئات كما أشير إليه في الأحاديث الصحاح، ولكن على سبيل جري العادة لا على سبيل الوجوب، فلا يلزم منه جور ولا ظلم، ثم ما ادعى من العلم الضروري بأن البشر لو عذب حيوانا بلا عوض لكان ظالما، فهذا قياس فاسد، لأن البشر يتصرف في الحيوان بما ليس له والله تعالى مالك مطلق يتصرف كيف يشاء، ونحن لا نمنع عدم وقوع الجزاء والمنافع ولكن نمنع
____________________
(1) لا يخفى عليك أن الرجل أخذ مسألة تسلط المالك على التصرف في ملك سلاحا وجعله مبنى لقضية الحسن والقبح كما سبق في مبادئ الكتاب، وما درى المسكين في هذا الشؤون أن هذه السلطنة هل هي مطلقة ومتسعة بهذه السعة بحيث يفعل كيف يشاء، وحيثما شاء وأين شاء؟ وأنى شاء؟ أم محدودة ومقيدة بقيود؟.