ذلك الزمان قبل زمان الفعل مقارنا لعدمه، فيكون هذا المجموع محالا دون الفعل وحده، بل هو ممكن في ذاته قطعا، فلا يتصف بالامتناع الذاتي، بل الامتناع بالغير، وذلك لا ينافي تعلق القدرة به، والمعنى الثاني غير محال، فإنه يمكن أن يزول عن ذلك الزمان وصف كونه زمان وقوع الفعل ويحصل بدله وصف كونه زمان وقوع الفعل فلا يلزم اجتماع النقيضين، وهذا كما يقال: قعود زيد محال بشرط قيامه إذ يمتنع كونه قائما وقاعدا، وليس بمحال في زمان قيامه، إذ يمكن أن ينعدم القيام ويوجد بدله القعود هذا، وأما ما ذكره في جواب لزوم المحالات: من أن شرط صحة التكليف عندنا أن يكون الشئ المكلف به متعلقا للقدرة أو يكون ضده متعلقا للقدرة الخ فمردود بأنه مبني على أن القدرة متعلقة بأحد الطرفين وقد مر ما فيه فتذكر. قال المصنف رفع الله درجته ومنها الاستغناء عن القدرة، لأن الحاجة إلى القدرة، إنما هي لإخراج الفعل من العدم إلى الوجود وهذا إنما يتحقق حال العدم، لأن حال الوجود هو حال الاستغناء عن القدرة، لأن الفعل حال الوجود يكون واجبا فلا حاجة إلى القدرة، على أن مذهبهم أن القدرة غير مؤثرة البتة، لأن المؤثر في الموجودات كلها هو الله تعالى، فبحثهم عن القدرة حينئذ يكون من باب الفضول، لأنه خلاف مذهبهم (إنتهى).
قال الناصب خفضه الله أقول: الحاجة إلى القدرة اتصاف العبد بصفة تخرجه عن الاضطرار حتى يصح كونه محلا للثواب والعقاب، إذ لو لم تكن هذه القدرة حادثة مع الفعل لا يتحقق له صورة الاختيار، والله تعالى حكيم يخلق الأشياء لمصالح لا تحصى، ولا يلزم من عدم كون القدرة مؤثرة في الفعل الاستغناء عنها من جميع الوجوه، ولا يلزم أن