أقول لا يخفى أن القاضي إنما عدل عن تفسير شيخه الأشعري إلى هذا لما رأى فساد ذلك فهو شاهد لنا على ما ادعينا من ظهور فساد كلام الأشعري، واعتراف الناصب بفساد كلام القاضي شهادة بأنه ليس لهم للكسب تفسير له محصل، ولهذا قال بعضهم، إنه غير معقول ولا معلوم كما نقله المصنف قدس سره، وكفى بذلك شناعة، وأما ما ذكره من أن هذا الإبطال مشهور مذكور في كتب الأشاعرة الخ فنقول: نعم مذكور في كتب متأخري الأشاعرة لكنه من تصرفات الإمامية لظهور انقراض المعتزلة قبل ذلك بستمأة سنة تقريبا، ووضوح أن الأشاعرة لا يهتمون بإبطال مطالب أنفسهم بل هم قاصرون عن أمثال هذا الدقيق من الإبطال، ولم يدع المصنف أن ذلك من خواصه حتى يكون وجوده في كتب من تقدمه من الأشاعرة أو الإمامية مكذبا له، وأما ما ذكره في أول الحرف من جوابه، فانحرافه عن الحق ظاهر لأن غاية ما يلزم من جواز إسناد صفة الفعل إلى العبد أن يكون وصفا له بحال متعلقة كحسن الغلام وهو وصف مجازي لا يصلح لبناء ثواب العبد وعقابه مثلا عليه، وأما ما ذكره بقوله: فجوابه أن الطاعة حسنة الخ فمردود بما عرفت من بطلان كون الحسن والقبح شرعيين، وبما مر من تقبيح قولهم: بأنه لا قبيح بالنسبة إليه تعالى وتزييف مؤاخذة المحل بالقبح المخلوق فيه من الله تعالى، وأما ما ذكره من أن مراد القائل أن هناك شئ تنسب إليه أوصاف الفعل الخ ففيه أنه إعادة لكلام القائل بعبارة أخرى، ويتوجه عليه ما يتوجه على ذلك: من أنه رمى في الظلام فلا يصلح لبناء المذهب عليه والاحتجاج به على الأقوام، وكفى هذا خللا وفسادا في الكلام.
(١٤١)