أقول وبالله التوفيق: أن جواب شارح المواقف مما ذكر الشارح (1) الجديد للتجريد أيضا من غير إيراد عليه، وكنت أظنه واردا إلى الآن، وقد سنح (2) لي عند النظر إلى هذا المقام أنه مردود، لأن كلام المصنف مبني على إلزام آخر للأشاعرة، بيانه أنهم لما لما ذهبوا إلى أن صفات الله تعالى موجودات زائدة قائمة به وقد صرحوا بأنها ليست جواهر حذرا عن أن يلزمهم شرك النصارى القائلين بالذوات القديمة فلا بد أن تكون أعراضا لانحصار الموجود في الجوهر والعرض فالتزام التفرقة بين القدرة الإلهية وقدرة العبد بكون أحدهما عرضا لا يجوز بقاؤها دون الأخرى تحكم قصدوا به الفرار عن الالزام، فظهر أن اللازم لهم في الحقيقة أمران، إحداهما ما ذكرناه من التحكم البارد، والآخر ما ذكره المصنف من الالزام الوارد، فحال الناصب في استفادته من كلام شارح المواقف مع أداء ذلك إلى تقوية مطلوبه وتضعيف مهروبه كحال الحمار الذي أشار إليه الشاعر بقوله. شعر:
ذهب (3) الحمار ليستفيد لنفسه * قرنا فآب وما له أذنان وأما ما زعمه من أن الكلام الرازي يصير وجها للجمع بين المذهبين ففاسد، إذ يتوجه عليه ما اعترض به صاحب المواقف أيضا، وحاصله أن الإمام إن أراد بالقدرة
____________________
(1) قد مرت ترجمته في أوائل هذا المجلد من الكتاب.
(2) سنح الرأي: عرض.
(3) أورد الميداني في ج 1 من مجمع الأمثال ص 193 المثل هكذا: ذهب الحمار يطلب قرنين فعاد مصلوم الأذنين.
(2) سنح الرأي: عرض.
(3) أورد الميداني في ج 1 من مجمع الأمثال ص 193 المثل هكذا: ذهب الحمار يطلب قرنين فعاد مصلوم الأذنين.