فقال أبو نواس:
طاب لنا العيش ولكننا * أرجلنا في الرمل مرتزه فقال والبة:
مع عرق منسكب حائل * يجري من النحر إلى الحزه خبره مع حمدان بن زكريا الخزاز قال جامع ديوان أبي نواس قال الهيثم الخثعمي الكوفي: قدم علينا أبو نواس الكوفة يريد الحج فاستزرته فزارني فرأى عندي دفترا فيه شعر حمدان بن زكريا الخزاز فنظر فيه فاستبرده فدعا بكوز ماء فصبه عليه وقال هذا حق هذا الشعر فبلغ الخبر حمدان فجاءني رسوله برقعة فيها:
قل للنواسي لقد جاءني * منك لعمري خبر نادر لولا فتى خثعم قرم الورى * صال عليك الأسد الخادر فأربع على نفسك وانظر لها * فما عداك المثل السائر أنت كما قد قيل فيما مضى * قد ذل من ليس له ناصر فاجابه أبو نواس:
قولا لحمدان وما شيمتي * أن أهدي النصح له مخلصا ما أنت بالحر فألحي ولا * بالعبد استعتبه بالعصا فرحمة الله على آدم * رحمة من عم ومن خصصا لو كان يدري أنه خارج * مثلك من إحليله لاختصى الأبيات الآتية قال وقد روى النيبختيون خبر هذه الأبيات من جهة أخرى قالوا حضر أبو نواس مع جماعة سطحا عاليا من سطوح بني نيبخت يطلبون هلال الفطر وكان سليمان بن أبي سهل في عينيه سوء فقام أبو نواس بإزائه ثم قال يا أبا أيوب كيف ترى الهلال من بعد وأنت لا تراني من قرب فقال سليمان قد رأيتك تمشي القهقرى حتى تدخل في حر جلبان. فاحفظ ذلك يا أبا نواس فقال في سليمان:
قل لسليمان وما شيمتي * أن أهدي له النصح مخلصا الأبيات فاجابه سليمان بن أبي سهل قال:
إن ابن هاني سفلة خالص * ما وحد الله وما أخلصا أغلى بذكري شعره واغتدى * بالقرض في أشباهه مرخصا وكان في شعري وتغريده * لخوف من يأتيه قد قلصا كالكلب هر الليث حتى إذا * أهوى إليه مخلبا بصبصا وقال جامع ديوانه لما قال أبو نواس:
يا رئم هات الدواة والقلما * أكتب شوقي إلى الذي ظلما من صار لا يعرف الوصال وقد * زاد فؤادي في حبه ألما غضبان قد عزني هواه ولو * يسال مما غضبت ما علما فليس ينفك منه عاشقه * في جمع عذر من غير ما اجترما لو نظرت عينه إلى حجر * ولد فيه فتورها سقما أظل يقظان في تذكره * حتى إذا نمت كان لي حلما عارضه الخزاز فقال:
ان باح قلبي فطالما كتما * ما باح حتى جفاه من ظلما وكيف يقوى على الجفاء فتى * قد مات أو كادوا أراه وما أشك أن الهوى سيقتلني * من غير سيف ولا يريق دما كيف احتيالي لشادن غنج * أصبح بعد الوصال قد صرما ما قلت لما علا الصدود به * يا رئم هات الدواة والقلما لكن سفحت الدموع من حزن * لما تمادى الصدود ثم نما إن الرسول الذي أتاك بما * أتاك عني قد حرف الكلما خبره مع أبي العتاهية حكى ابن عساكر في تاريخ دمشق عن إسحاق بن إبراهيم الموصلي قال: اجتمع عندي أبو نواس وأبو العتاهية وكل واحد منهما لا يعرف صاحبه فعرفت أبا العتاهية بأبي نواس فسلم عليه وجعل أبو نواس ينشد من سفساف شعره فاندفع أبو العتاهية فأنشد فجعل أبو نواس يقول هذا والله المطمع الممتنع فقال له أبو العتاهية هذا القول والله منك أحسن من كل ما أنشدت كيف البيت الذي مدحت به الرشيد قال الربيع:
قد كنت خفتك ثم آمنني * من أن أخافك خوفك الله قال لوددت أني كنت سبقتك إليه وزاد ابن الأنباري في روايته بعد هذا البيت:
فعفوت عنا عفو مقتدر * حلت به نعم فألفاها أخباره مع مسلم بن الوليد قال جامع ديوانه: اجتمع أبو نواس يوما مع مسلم فتلاحيا فقال مسلم ما أعلم لك بيتا يسلم من سقط فقال أبو نواس هات فقال قولك:
ذكر الصبوح بسحرة فارتاحا * وأمله ديك الصباح صياحا لما ذا أمله ديك الصباح وهو يبشره بالصبوح الذي ارتاح إليه فكيف يجتمع ارتياح وملل فقال أبو نواس أنشدني أنت أي شعرك شئت فأنشده مسلم:
عاصى الشباب فراح غير مفند * وأقام بين عزيمة وتجلد فقال أبو نواس: ناقضت ذكرت أنه راح والرواح لا يكون إلا بالانتقال من مكان ثم قلت وأقام بين عزيمة وتجلد فجعلته منتقلا مقيما وتشاغبا في ذلك ثم افترقا فقال أبو نضلة مهلهل بن يموت بن المزارع ابن أخت الجاحظ: غلط مسلم في معارضته لأبي نواس لأنه إنما ارتاح للشرب ولم يرتح لصوت الديك فلما أكثر مل استماع صياحه إنتهى. وقال ابن منظور: اجتمع أبو نواس ومسلم بن الوليد في مجلس فقال مسلم لأبي نواس والله ما تحسن الأوصاف فقال له أبو نواس لا والله ما أحسن أن أقول:
سلت فسلت ثم سل سليلها * فاتى سليل سليلها مسلولا والله لو رحمت الناس في الطرق لكان أحسن لك من هذا.
خبره مع الرقاشي واسمه الفضل بن العميد قال جامع ديوانه: اجتمع أبو نواس يوما مع الرقاشي في مجلس فتذاكرا الشعر فقال له أبو نواس لقد سبقتني إلى ابيات وددت انها لي بجميع شعري قال وما هي قال قولك: