ولما أتت فسطاط مصر أجارها * على ركبها أن لا تزال مجير من القوم بسام كان جبينه * سنا الفجر يسري ضوؤه وينير زها بالخصيب السيف والرمح في الوغى * وفي السلم يزهو منبر وسرير جواد إذا الأيدي كففن عن الندى * ومن دون عورات النساء غيور له سلف في الأعجمين كأنهم * إذا استؤذنوا يوم السلام بدور وإني جدير إذ بلغتك بالمنى * وأنت بما أملت منك جدير فان تولني منك الجميل فأهله * وإلا فاني عاذر وشكور وهذا من أكاذيب الشعراء، يقول هذا وفي نفسه:
فان تولني مالا سلمت من الهجا * وإلا فهجوي ما بقيت كثير ومع إنه أولاه الجميل فلم يعذر ولم يشكر وهجاه كما يأتي. قال ابن منظور: ولما قال أبو نواس:
ذريني أكثر حاسديك برحلة * إلى بلد فيه الخصيب أمير قال له الخصيب إذن يكثر حسادها وتبلغ أملها وأمر له بألف دينار.
وقال يمدح الخصيب أيضا:
لم تدر جارتنا ولا تدري * إن الملامة إنما تغري هبت تلومك غير عاذرة * ولقد بدا لك أوسع العذر واستبعدت مصرا وما بعدت * أرض يحل بها أبو نصر ولقد وصلت بك الرجاء ولي * مندوحة لو شئت عن مصر وكذاك نعم السوق أنت لمن * كسدت عليه تجارة الشعر أنت المبرز يوم سبقهم * أن الجواد بعرفه يجري علم الخليفة أن نعمته * حلت بساحة طيب النشر كاف إذا عصب الأمور به * ماضي العزيمة جامع الأمر فانقع بسيبك غلة نزحت * بي عن بلادي وارتهن شكري وقال يمدح الخصيب أمير مصر أيضا:
ذكر الكرخ نازح الأوطان * فصبا صبوة ولات أوان ليس لي مسعد بمصر على الشوق * إلى أوجه هناك حسان نازلات من السراة فكرخا * يا إلى الشط ذي القصور الدواني إذ لباب الأمير صدر نهاري * ورواحي إلى بيوت القيان واعتمالي الكؤوس في الشرب تسعى * مترعات كخالص الزعفران يا ابنتي أبشري بميرة مصر * وتمني وأسرفي في الأماني أنا في ذمة الخصيب مقيم * حيث لا تعتدي صروف الزمان كيف أخشى علي غول الليالي * ومكاني من الخصيب مكاني قد علقنا من الخصيب حبلا * أمنتنا طوارق الحدثان كل يوم علي منه سماء * ثرة تستهل بالعقيان وإذا هزه الخليفة للجلى * مضاها كالصارم الهندواني قادني نحوك الرجاء فصدقت * رجائي واخترت حمد لساني إنما يشتري المحامد حر * طاب نفسا لهن بالأثمان وقال يمدح الخطيب أيضا وهي القصيدة التي مدحها المرتضى في الأمالي بأحسن مدح كما مر في أقوال العلماء فيه:
يا منة أمنتها السكر * ما يقتضي مني لها الشكر أعطتك فوق مناك من قبل * من قيل أن مرامها وعر يثني إليك بها سوالفه * رشا صناعة عينه السحر ظلت حميا الكاس تبسطنا * حتى تهتك بيننا الستر في مجلس ضحك السرور به * عن ناجذيه وحلت الخمر ثم قال في وصف الناقة:
ولقد تجوب بي الفلاة إذا * صام النهار وقالت العفر شدنية رعت الحمى فاتت * ملء الحبال كأنها قصر تثني على الحاذين ذا خصل * تعماله الشذران والخطر أما إذا رفعته شامذة * فتقول رنق فوقها نسر أما إذا وضعته خافضة * فتقول إرخي دونها ستر وتسف أحيانا فتحسبها * مترسما يقتاده إثر فإذا قصرت لها الزمام سما * فوق المقادم ملطم حر فكأنها مصغ لتسمعه * بعض الحديث باذنه وقر ثم تخلص إلى المدح فقال:
يرمي إليك بها ذوو أمل * عتبوا فاعتبهم بك الدهر أنت الخصيب وهذه مصر * فتدفقا فكلاكما بحر لا تقعدا بي عن مدى أملي * شيئا فما لكما به عذر ويحق لي إذ صرت بينكما * أن لا يحل بساحتي فقر قال ابن منظور: فقال له الخصيب إذن لا يخيب أملك ولا ينقطع مرادك ثم أمر له بألف دينار أخرى قال وكان أهل مصر قد شنعوا على