فما كان من الأول فالحكم فيه واضح، فينفذ في حق نفسه لا في حق الآخر.
وما كان من الثاني، فيشكل الحكم بنفوذ الإقرار فيه، بل لا يمكن الحكم به لا في حق المقر ولا في حق الغير.
أما في حق الغير فظاهر.
وأما في حقه; فلعدم إمكان تحققه بدون الثبوت في حق الغير.
وبعبارة أخرى: إما يحكم بنفوذه في حقهما، فيلزم نفوذ الإقرار في حق الغير وهو باطل شرعا، أو بنفوذه في حقه خاصة دون حق الآخر، وهو باطل عقلا; لاستلزامه انفكاك ما يمتنع انفكاكه عن الشئ.
مع أنه لو حكم بعدم النفوذ أيضا لا يكون مخالفة فيه; لعموم النبوي، إذ الثابت منه نفوذ الإقرار في حق النفس، وهذا إقرار بشئ واحد في حق النفس والغير، فلا يشمله الخبر، بل ليس ذلك متبادرا من الإقرار على النفس.
وقد يقال في دفعه: إنه لا يحكم أحد بثبوت هذا الشئ أصلا لا في حقه ولا في حق الغير، فلا يقال: قد تحقق البيع أو الزوجية أو الاخوة، ولم يتحقق الشراء أو زوجية الزوجة أو الأختية. ولكن لكل من هذه الأمور آثارا ولوازم و أحكاما خاصة بكل من الاثنين، فيحكم بثبوت الآثار المختصة بالمقر خاصة. فهذا مراد من قال بالثبوت في حق المقر دون الطرف الآخر، وهذا محل الإشكال كما يأتي.
الثاني: لابد وأن يشترط في نفوذ إقرار العاقل على نفسه عدم معارضته بإقرار عاقل آخر على نفسه، فلو عارضه لم يعمل بشئ منهما; لعدم إمكان نفوذ الإقرارين، للتعارض; ولا أحدهما، للزوم الترجيح بلا مرجح.
وذلك كما إذا قال أحد: إني سرقت درهم زيد، والآخر: إني سرقته، إذا لم يكن هناك إلا درهم واحد وسارق واحد.
ومن هذا القبيل لو قال أحد: أنا زوج هذه المرأة، والآخر: أنا زوجها، لو سمعنا لوازم الإقرار من ثبوت المهر ونحوه; لعدم إمكان ثبوت مهرين له.