أو قال هذا: أنا أبو هذا الصغير، والآخر: أنا أبوه، بالنسبة إلى النفقة الواجبة على الأب.
ومن هذا القبيل: لو أقر زيد باشتغال ذمته لعمرو بمبلغ، وأنكره عمرو، فإن إنكاره أيضا اعتراف في حق نفسه، ويلزمه أن يسقط الإقراران، مع أنهم قالوا:
إنه يثبت اشتغال ذمة زيد، ولكن ليس لعمرو مطالبته.
وهذا مشكل; لأن الأول كما يثبت الاشتغال يثبت الثاني عدم الاشتغال، فترجيح الأول والاكتفاء في الثاني بعدم المطالبة لا وجه له.
والحاصل: أن الاشتغال بحق الغير أمر لا يمكن تحققه إلا بعد تحقق الطرفين. وتحققه إنما هو إذا لم يصادفه إنكار الطرف الآخر، الذي هو أيضا اعتراف في حق نفسه، ويلزمه الحكم بعدم ثبوت الاشتغال; لعدم الدليل عليه.
وأيضا الاشتغال يستلزم وجوب الأداء، وهو يتوقف على جواز الأخذ والمطالبة، وإذا لم يجز ذلك، يلزم وجود الشئ بدون وجود ما يتوقف عليه، وهو محال. ولذا لو قال أحد لزيد: أعط عمروا درهما، وقال لعمرو: لا تأخذه، يعد ذلك تناقضا.
الثالث: الإقرار على النفس يكون تارة بالشئ نفسه، وحكمه واضح.
وأخرى يكون بما يتضمنه، وهو على قسمين: لأن المقر به الضمني إما يكون مما يمكن تحققه في الخارج بدون الجزء الآخر أو ما يقوم مقامه، وله قوام بدونه; أو ليس كذلك.
فالأول نحو: لفلان على مورثي (1) دينار، والثاني نحو: علي لفلان فرس، فعلم من الخارج أو باعتراف المقر له أنه ليس عليه خصوص الحيوان الصاهل.
فعلى الأول يحكم بنفوذه في مدلوله التضمني، الذي هو قدر حصته; لأنه يصدق أنه أقر به.