منها في موضعه من الفقه استدلالا وردا.
ولا يجب أن يكون بناء تلك الجزئيات على هذه القاعدة الكلية في حمل أفعالهم وأقوالهم على الصحة والصدق كما يأتي.
وإنما المقصود هنا النظر في أنه هل تثبت تلك القاعدة على سبيل الكلية، حتى تكون أصلا ومرجعا في جميع تلك الجزئيات، ولا يخرج عنه إلا بدليل، فكل موضع لم يكن فيه رادع عن الأصل تتبع فيه هذه القاعدة، أم لا حتى نحتاج في كل مورد جزئي إلى دليل اخر؟ وعلى هذا فلا يصح لنا التمسك في إثبات هذه القاعدة بالاخبار والأدلة المختصة بتلك الموارد الجزئية، بل لابد من الدليل العام، فلأجل ذلك لا يذكر في مقام الاستدلال الأدلة التي لها جهة اختصاص بمورد خاص، نعم في مقام التمسك بالاستقراء تظهر الفائدة لهذه الأدلة الخاصة ويأتي الكلام فيها.
إذا عرفت ذلك فنقول: إن المتمسكين بهذه القاعدة يستندون فيها إلى الاجماع والكتاب والسنة.
أما الاجماع: فلانا نرى العلماء على ذلك متفقين في كل الأعصار والأمصار، وهذه قاعدة مسلمة مشهورة بينهم، يبنون عليها كثيرا من الاحكام.
وأما الكتاب: فقوله عز شأنه: (اجتنبوا كثيرا من الظن ان بعض الظن إثم) 1.
وأما الاخبار: فكثيرة جدا من الصحاح وغيرها المنجبرة بالعمل.
منها: المرسلة عن الحسين بن المختار، عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: (قال أمير المؤمنين عليه السلام في كلام له: ضع أمر أخيك على أحسنه، حتى يأتيك ما يغلبك منه، ولا تظنن بكلمة خرجت من أخيك سوء ا وأنت تجد لها في الخير محملا) 2.