نحو ذلك، فقيل: بتقديم الاستصحاب عليها، معللا بان الاستصحاب خاص، والخاص وإن كان استصحابا مقدم على العام وان كان حديثا أو كتابا.
قال: فان قيل: مرجع الاستصحاب إلى ما ورد في النصوص من عدم جواز نقض اليقين بالشك، فهذا عام لا خاص.
قلنا: الاستصحاب في كل شئ ليس الا إبقاء الحكم الثابت له، وهذا المعنى خاص بذلك الشئ، ولا يتعداه إلى غيره.
وعدم نقض اليقين بالشك وان كان عاما إلا أنه وارد في طريق الاستصحاب، وليس نفس الاستصحاب المستدل به، والعبرة في العموم والخصوص بنفس الأدلة، لا بأدلة الأدلة، وإلا يلزم أن لا يوجد في الأدلة الشرعية دليل خاص أصلا، إذ كل دليل فهو ينتهي إلى أدلة عامة هي دليل حجيته.
وليس عموم قولهم: (لا ينقض اليقين بالشك) 1 بالقياس إلى أفراد الاستصحاب وجزئياته الا كعموم قوله تعالى: (إن جاءكم فاسق بنبأ) 2 بالقياس إلى آحاد الاخبار المروية، فكما أن ذلك لا ينافي كون الخبر خاصا إذا اختص مورده بشئ معين، فكذا هذا.
ولذا ترى الفقهاء يستدلون باستصحاب النجاسة والحرمة في مقابلة الأصول والعمومات الدالة على طهارة الأشياء وحليتها. وكذا باستصحاب شغل الذمة في مقابلة ما دل على براءة الذمة من الأصل والعمومات 3. انتهى.
أقول: مراده أن النجاسة الاستصحابية في مورد خاص مدلول لعدم نقض هذا اليقين بالشك، لأنه يوجب النجاسة ويدل عليها، ودليل عدم النقض أدلة حجية الاستصحاب، فان عدم النقض بنفسه لا يثبت النجاسة ما لم تثبت حجيته