من الشارع، فأفراد عدم نقض اليقين بمنزلة أفراد الاخبار، وما يثبت منها من الحكم المستصحب بمنزلة مدلول الاخبار، (ولا ينقض اليقين بالشك) الذي معناه حجية عدم نقض اليقين بمنزلة اية النبأ، التي مفادها كل خبر عدل حجة.
فما ذكره من أن أخبار الاستصحاب دليل حجية طلق الاستصحاب، الذي يندرج تحته 1 الاستصحابات الجزئية، صحيح، ولكن ما ذكره من أن العبرة في العموم والخصوص بنفس الأدلة لا بأدلة الأدلة، غير صحيح، لان التعارض بين الشيئين عبارة عن التنافي بين مدلوليهما: إما بين خصوص المدلولين، أو بين عموم أحدهما وخصوص الاخر، أو بين عمومهما، سواء كان أحدهما دليلا لشئ معارض مع الاخر أم لا.
ونحن نرى أن قول الشارع: (لا ينقض اليقين بالشك) معناه عدم جواز نقض شئ من أفراد اليقين - التي منها نجاسة الماء مثلا - بالشك، ولازمه الحكم بنجاسته، وعموم هذا مناف بالبديهة لعموم (كل ماء طاهر) لعدم جواز العمل بالعمومين قطعا، فيتعارضان، ولابد فيهما من الرجوع إلى قواعد التعارض.
وكون الأول دليل حجية الاستصحابات الخاصة، لا يوجب رفع التعارض أو إغماض النظر عن تعارضهما.
فان قلت: هذا كذلك، ولكن لكون استصحاب نجاسة هذا الفرد من الماء الذي هو مدلول أدلة الاستصحاب أخص من قوله: (كل ماء طاهر) وهو موجب لتخصيصه، فيختص (كل ماء طاهر) بغير ذلك الماء، فلا يكون معارضا لدليل هذا الاستصحاب أيضا.
قلنا: صلاحية تخصيص هذا الاستصحاب الخاص لذلك العموم إنما هي بعد ثبوت حجيته، وإلا فلا شك أنه لا يوجب تخصيصا، وحجيته فرع شمول دليل حجية الاستصحاب له، وشموله له بعد علاج التعارض بين هذا الدليل وبين