من العلم بصحته أنه يجب على الكل العمل به. وأي فرق بين علمه بالإجماع، أو علمه بصحة الخبر، أو بين سماعه وبين علمه؟
والحل: أن كل من يستدل بدليل على حكم مطلق، فهو يعلم أن العمل بهذا الحكم مخصوص بمن ثبت عنده ذلك الدليل وتماميته من غير مقلديه، ولكنه يخبر العلماء عن اعتقاده أو ظنه، وإن لم يفد ذلك لغيره وغير مقلديه إلا تنبيها أو تأييدا، فيخبر أن اعتقادي أنه كذلك بالنسبة إلى كل أحد، وإن لم يكن اعتقادي حجة لكل أحد، ثم ينبه بالاستدلال على طريق حصول اعتقاده، ويريد أن كل أحد أيضا لو سلك هذا المسلك يحصل له ذلك الاعتقاد. وهذا هو السر في بيان الأدلة، والأدلة على الأدلة، وهكذا.
واعتقاده أن كل من نظر بالنظر الصواب من مبدأ الحكم إلى المآب، ورجع قهقرى من الحكم إلى الدليل ومنه إلى دليله، وهكذا إلى ما اكتسب منه النظريات من بديهياته، يكون كذلك، فحكمه إنما هو للجميع وإن لم يكن اتباع حكمه واجبا على الجميع.
ومن ذلك ظهر: أن اختلاف الجهة والعلة لا يقدح في تحقق الإجماع على الحكم المطلق.
نعم إذا كان أصل الحكم مقيدا، فيختص الإجماع بالمقيد.
وإلى هذا ينظر من يقول: بأن اختلاف الحيثيات التقييدية يقدح في ثبوت الإجماع على المطلق، دون الحيثيات التعليلية.