أما العرف: فلأن المتبادر من الإسراف فيه أعم من الصرف في المعاصي خاصة قطعا.
وأما الكتاب: فما مر من قوله سبحانه: * (وآتوا حقه يوم حصاده ولا تسرفوا) * (1)، وقوله * (والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا) * (2)، دالا على أن التجاوز عن الحد في إيتاء الحق، والإنفاق في سبيل الله أيضا إسراف، سيما بضميمة الأخبار الواردة في بيان الآيتين، والاحتجاج بهما كما يأتي بعضها.
وأما الأخبار: فمنها الروايات المتقدمة، كرواية داود الرقي، المصرحة بأن طرح النواة إسراف، ونحوها المروي في الصافي، ورواية ابن أبي يعفور، المتضمنة لتحقق الاسراف في الحج والعمرة، ورواية حريز والعامي، الدالين على تحقق الاسراف في الوضوء، ومرسلة الفقيه، المصرحة بأن في إنفاق المال في الحق يكون الاسراف.
ومنها روايات اخر غير ما مر، كرواية حماد اللحام عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
(لو أن رجلا أنفق ما في يده في سبيل من سبل الله ما كان أحسن، ولا وفق للخير، أليس يقول الله تبارك وتعالى: * (ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة وأحسنوا إن الله يحب المحسنين) * (3) يعني المقتصدين) (4).
دل بالتعليل على أن إنفاق ما في اليد في سبيل الله خلاف الاقتصاد، وهو الاسراف.
ورواية عبد الملك بن عمرو الأحول، قال: تلا أبو عبد الله عليه السلام هذه الآية:
* (والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما) * (5) قال: فأخذ