والثالث: أن لا يعلم شئ منهما، وله أقسام: أحدها: أن يعلم للمحمول معنى، وعلم عدم صحة الحمل الحقيقي في ذلك المعنى، وشك في أنه هل وضع الشارع هذا اللفظ لمعنى يصح حمله على الموضوع ولذا حمله عليه، بل قد يحتمل أن يكون ذلك الحمل إخبارا عن الوضع، أو أريد بالمحمول معنى مجازي يصح الحمل عليه، أو تجوز في الحمل، نحو: الفقاع خمر، إذا علمنا أن الخمر في اللغة أو العرف مخصوص بما يؤخذ من العنب.
والحكم حينئذ: التوقف كسابقه، وعدم إثبات حكم منه 1، الا مع شيوع تجوز أو حكم ينصرف حينئذ إليه، لان كلا من الوضع والتجوز في المحمول أو الحمل مخالف للأصل، لا يصار إليه إلا بدليل، ولا دليل على تعيين شئ منهما.
وأما كون ذلك إخبارا بالوضع: فمع كونه خلاف وظيفة الشارع كما قيل 2، ومع احتياجه إلى التجوز، بأن يراد من الخمر لا لفظه، محتاج إلى التقدير، كما مر.
وثانيها: أن لا يعلم للمحمول معنى معينا، ولكن تردد بين معنيين أو أكثر، يصح الحمل الحقيقي في أحدها دون غيره، نحو: الشهيد ميتة، حيث لا يعلم أن الميتة هل هي موضوعة لمطلق ما خرج روحه، أو تختص بغير الانسان، ولما كان الأصل في الاستعمال الحقيقة، فيجب أن يقال:
إن الحمل والمحمول هنا مستعملان في معنييهما الحقيقيين، ولازم ذلك:
كون معنى الميتة هو المطلق.
وثالثها: أن لا يعلم للمحمول معنى أصلا، ومقتضى الأصول حينئذ أن يكون الموضوع عين المحمول الحقيقي، أو مصداقا له، فيحكم بثبوت كل حكم ثبت للمحمول للموضوع.