فحكمه حكم المطلق، فان كان المطلق منصرفا إلى وجه خاص، تعين، وإلا، فيبطل.
والمعتبر: هو الاطلاع على قصد ذلك من العقد. أي: قصد منه هذا النوع من الانشاء، وألقى به لانشاء ذلك النوع. ولا يكفي في ذلك كون المطلوب ذلك، أو كون هذا القصد باعثا وسببا للعقد من غير أن يكون التلقي بالعقد أيضا لانشاء ذلك، بحيث يكون هذا أيضا من أثر العقد.
ومن هنا حصل الوهم لبعضهم في كثير من المقامات: كما إذا اتفقا على أن يبيع أحدهما داره للآخر ويبيع الاخر بستانه للأول أيضا، فباع الأول وامتنع الاخر بعد انقضاء خيار المجلس، أو باع الاخر أيضا، وظهر بستانه مستحقا للغير، أو فسخ ثانيا بغبن ونحوه، حيث توهم أن هذا الاتفاق قرينة حالية على أن المقصود هو بيع الدار بالمبلغ المعين وبيع البستان.
وفيه: أن ذلك لا يصلح قرينة لإرادة ذلك من قوله: بعتك داري بمائة، وإنما هو قرينة على عقد القلب بذلك وتخميره في القلب، لا على أن المراد من:
بعتك داري بمائة ذلك، حتى يكون ذلك جزء من الثمن أيضا، ويقع بيع الدار على المائة وبيع البستان، بل المقصود منه ليس إلا بيع الدار بمائة، والمخمر عنده والمعقود قلبه على أنه أيضا يبيع بستانه، وهذا التخمير والعقد سبب لبيع الدار، وتأثير ذلك التخمير في بطلان عقد بيع الدار، أو خيار الفسخ لا وجه له مع كون الأصل في البيع: اللزوم، وعدم ثبوت اشتراط غير قصد انشاء الأثر المطلوب من اللفظ وقد حصل.
وتوهم أنه قد يتضرر بائع الدار كثيرا، مدفوع: بأنه ضرر أقدم بنفسه عليه، ووقع فيه بتقصيره في فقه الاحكام، حيث لم يفهم أنه لا يلزم على المشتري بيع بستانه، وقد يبيع ويفسخ بخيار، أو يظهر مستحقا للغير، فكان يجب عليه علاج ذلك أولا.
وقد أغمض الفقهاء عن مثل الضرر الواقع بتقصير المتضرر في فقه المسألة