وأما ما ينتفي المشروط بانتفائه، فهو مما يستعمل فيه في العرف. فلو سلمنا كونه حقيقة فيه، فهو حقيقة عرفية يقتضى الأصل تأخرها. مع أن كل ما ينتفي المشروط بانتفائه فهو ملتزم في تحقق المشروط، فيمكن أن يكون المستعمل فيه حين إرادته أيضا معنى الالتزام.
هذا، مضافا إلى أن ما استشهد له به ليس إلا مجرد الالتزام، ولم يعلم انتفاء المشروط الذي هو العقد بانتفائه، بل المعلوم عدم انتفائه في مقام الاستشهاد. و كذا أكثر الأخبار المستعملة فيها لفظ الشرط.
فإن قيل: المراد بالالتزام: ما جعله لازما على نفسه بوجه شرعي، فلا يفيد فيما أنت بصدده من جعل ذلك سببا للزوم الشرعي.
قلنا: المتبادر من الالتزام هو التعهد بذلك، مع أن استثناء ما خالف كتاب الله لا يصلح لذلك أصلا، لأن ما كان كذلك لا يقبل اللزوم الشرعي، و كذا شرط عدم الميراث في بعض الروايات ونحوه، فدلالة هذا الكلام على وجوب الوفاء بالتزام شئ في ضمن العقد - الذي هو مقصودنا - مما لا إشكال فيه أصلا.
ويدل عليه أيضا الأخبار الثلاثة الموجبة للوفاء بالوعد، فإن كل ما يلتزم به أحد المتعاقدين في ضمن العقد وعد للآخر، فيجب الوفاء به.
وكذا رواية عمار، وصحيحة محمد، والرواية الأخيرة، حيث دلت على أن مع الشرط تكون الثمرة للمبتاع، وبضميمة عدم القول بالفصل يتم المطلوب في سائر العقود وباقي الشروط.
ومن ذلك يظهر إمكان الاستدلال بأخبار أخر وردت في موارد خاصة مذكورة في مظانها.
فإن قيل: لو تم ما ذكرت، لاقتضى وجوب الوفاء بكل ما يوعد ويلتزم به ولو لم يكن في ضمن عقد، أو كان في ضمن العقد الجائز، والظاهر أنه لم يقل به أحد.