مع أن هذا لو تم للزم بطلان العقد، لأنه المشروط: لا خيار الفسخ. وجعل المشروط: اللزوم لا وجه له.
وقد يستدل على ثبوت الخيار أيضا: بأن التراضي في العقد على سبيل اللزوم والاستمرار إنما وقع بهذا الشرط، ولم يعلم من الطرفين إخراج مالهما من ملكهما على سبيل اللزوم إلا مع تحقق الشرط، فمع انتفائه لهما الرجوع إلى مالهما.
وفيه: أن الظاهر من العقد الرضى بالانتقال مع التزام الشرط، وقد تحقق الالتزام، إذ لا يشتمل على غير ذلك. وأما الالتفات إلى عدم تحقق الشرط وعدم الرضى معه، فالأصل عدمه، ولا يعتبر ذلك الاحتمال في شئ من العقود إجماعا.
ولذا إذا اشترى أحد شيئا وقبضه، فتلف بعد ثلاثة أيام مثلا، لا يحصل له خيار، ولا يقال: إنه لم يعلم إخراج ماله عن ملكه على سبيل اللزوم، إلا مع عدم التلف في هذه المدة، مع أنه لو التفت إلى هذا الاحتمال، أو علمه حين العقد، لم يرض بالشراء.
والحاصل: أن الملتفت إليه في العقود من القصود إنما هو ما يستفاد من اللفظ، فإذا دل لفظ على التراضي بالنقل مع التزام شئ، يحكم بالرضى مع ذلك الالتزام، وأما أنه لو لم يتحقق ما التزم به، فهو أمر خارجي لا دخل له بالعقد.
وأي فرق بين هذا الشرط وبين ما إذا باع شيئا بشئ آخر، يسلمه المشتري بعد مدة، ونقص قيمة ذلك الثمن عند التسليم نقصانا كثيرا، أو باعه بثمن إلى مدة، ومات المشتري في تلك المدة، ونقل المبيع إلى غيره، ولم يخلف شيئا؟.
وأما أصالة عدم التراضي إلا مع سلامة الشرط، فهي مدفوعة بما هو الظاهر من اللفظ، وهو الرضى مع التزام الشرط، وقد تحقق. وهذا الظهور معتبر بالإجماع القطعي، وإلا لم يسلم عقد لأحد.
بل لو منع ظهور ذلك أيضا، نقول: يكفي الإجماع المقطوع به في ذلك.