قال بعض المتأخرين: الأصل عدم تملك شئ من المباحات إلا بعد وجود سبب التملك، فإذا وجد السبب يتحقق الملك، وإلا فلا، لأصالة بقاء إباحته إلى أن يوجد سببه (1). انتهى.
وهذا الأصل: تارة يكون مع عدم العلم بحكم الشارع بتملك هذا الشئ أصلا، فيقال: الأصل عدم تملكه، وعدم حكم الشارع بكونه ملكا لأحد.
وأخرى: يكون مع العلم بحكم الشارع بأنه يصير ملكا في الجملة، وشك في سببه: إما بأن يعلم لتملكه سبب، وشك في شئ آخر أنه أيضا هل هو سبب لتملكه أم لا؟ أو لم يعلم سبب بعينه، وعلى التقديرين: يحكم بأصالة عدم السببية بلا خلاف (2).
فليكن هذا الأصل نصب عينيك في كل مقام يحتاج فيه ثبوت حكم على ملكية شئ لأحد، أو عدمها.
والحاصل: أن الأصل في جميع الأشياء عدم كونه ملكا، وفي كل أمر عدم كونه سببا للتملك، إلا إذا دل دليل على تملك شئ معين بسبب خاص، أو حصول التملك في نوع من الأشياء بنوع من الأسباب.
كما أنه ثبت من الشارع: تملك كل شئ فيه انتفاع من الأشياء المباحة التي يجوز لكل أحد التصرف فيها، وليس عليها يد، بالأخذ والتصرف، دل عليه الإجماع والأخبار، كصحيحة ابن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " من أصاب مالا أو بعيرا في فلاة من الأرض قد كلت وقامت وسيبها صاحبها مما لم يتبعه، فأخذها غيره، فأقام عليها وأنفق نفقة حتى أحياها من الكلال ومن الممات، فهي له، ولا سبيل له عليها، وإنما هي مثل الشئ المباح " (3).
ورواية أبي بصير عن، أبي جعفر (عليه السلام)، قال: " من وجد شيئا فهو له،