فإن كل أحد من العوام والخواص، يعلم أن بين أفراد الإنسان مميزات تميز بعضها عن بعض، وقدرا مشتركا بينها ليس بين فرد منها وبين أفراد البقر والفرس، وصار ذلك الجامع سببا لحكم كل أحد بمناسبه، وتطابقا وتوافقا بين تلك الأفراد. ليس بينها وبين أفراد سائر الحيوانات.
ولا شك: أن هذا القدر المشترك أمر موجود، إذ يعلم كل أحد أن بين تلك الأفراد أمرا وجوديا مميزا كلا منها عن فرد نوع آخر. ويعلم أنه مركب من هذا القدر والمشترك، ومن المميز، ولا يتركب الموجود من الموجود والمعدوم.
ولكن ليس كل لفظ يشبه لفظ الكليات كليا متحققا، بل لا بد من الوجود الخارجي لولا اعتبار معتبر وانتزاع منتزع (1)، ولا شك أن أحد هذين ليس شيئا متحققا بينهما، يتركب كل منهما منه ومن أمر آخر، ويكون مميزا لكل منهما عن سائر الأشياء، بل هو محض جعل واعتبار.
وقد صرح بذلك المحقق الشيخ علي في شرح القواعد.
قال رحمه الله: قوله: ولو قال، بعثك صاعا من هذه الصيعان، مما تماثل أجزاؤها، صح، ولو فرق الصيعان وقال: بعتك أحدها، لم يصح.
والفرق بين الصورتين: أن المبيع في الثانية واحد من الصيعان المتميزة المتشخصة غير معين، فيكون بيعه مشتملا على الغرر، وفي الأولى المبيع أمر كلي غيره متشخص، ولا يتميز بنفسه، ويتقوم بكل واحد من صيعان الصبرة، و يؤخذ به.
ومثله: ما لو قسم الأرباع، وباع ربعا فيها من غير تعيين، ولو باع ربعا قبل القسمة، صح، ونزل على واحد منها مشاعا، لأنه حينئذ أمر كلي.
فإن قلت: المبيع في الأولى أيضا أمر كلي.
قلنا: ليس كذلك، بل هو واحد من تلك الصيعان المتشخصة منهم، فهو