قبله، مع أصالة عدم التعين وبراءة الذمة عن ذلك، منها ما تقدم، ومنها ما سيجئ.
ولا يخفى أن سبيل المناقشة في هذا الاستدلال غير منسد، بل سبيلها واضح، سيما على من تدبر فيما أسلفنا سابقا.
الخامس: الأخبار التي تدل بظاهرها على الاستحباب، مثل ما رواه الصدوق في أماليه، في الصحيح عن الصادق (عليه السلام) قال: أحب للمؤمن أن لا يخرج من الدنيا حتى يتمتع، ولو مرة، ويصلي الجمعة ولو مرة (1).
ورواها أيضا الشيخ في مصباح المتهجد بسنده إلى ابن أبي عمير عن هشام ابن سالم عن الصادق (عليه السلام)، ولكنه قال: وأن يصلي الجمعة في جماعة (2).
وروى الصدوق أيضا في أماليه عنه (عليه السلام) أنه قال: ما من قدم سعت إلى الجمعة إلا حرم الله جسدها على النار (3).
ولا يخفى أن سياق هذه الأخبار ينادي بأعلى صوته بالاستحباب، مع كمال اعتبار أسنادها.
وقال بعض المتأخرين: أقول: إنما قال ذلك لأن المؤمنين كانوا في تقية، ولم يتيسر لهم المواظبة عليها فكانوا يغتنمون الفرصة في إدراكها إذا تيسرت، وإلا فلا يجوز تركها من غير علة بحال (4).
وفيه أن الظاهر من الخبر الطلب بعنوان الاستحباب، لا أن الصلاة محبوبي، والمؤمن الذي يصلي مرة أنا أحبه.
فإن كان مرادك مما ذكر ذلك فهو، مع أنه غير ظاهر الخبر لا ينفي ظهور الخبر في الاستحباب.