بعضهم سكنى القرى مع التمكن من سكنى الأمصار، لاكتساب العلوم والكمالات، وبعضهم ترك التعلم. ومما ذكره يظهر معنى الأعرابي والمهاجر.
واختلف الأصحاب في إمامة الأعرابي، فلا يجوز إمامته عند الشيخ (1) وجماعة من الأصحاب، وذهب آخرون إلى الكراهية (2).
وفصل المحقق (رحمه الله) في المعتبر (3) تفصيلا، وارتضاه جماعة من المتأخرين.
وهو أنه إن كان وصل إليه ما يكفيه في اعتماده عليه ويدين به ولم يكن ممن يلزمه المهاجرة وجوبا جاز لقوله (عليه السلام): يؤمكم أقرأكم (4). وقول الصادق (عليه السلام): لا يتقدمن أحدكم الرجل في منزله ولا سلطانه (5). وإن لم يكن كذلك، فلا يجوز.
ويدل على المنع في الجملة الأخبار الثلاثة المتقدمة.
واعلم أن ظاهر الأصحاب أن محل النزاع هو إمامة الأعرابي بالمهاجرين، وكأنه لا نزاع لهم في إمامة الأعرابي بمثله، حملا للخبرين المطلقين على المقيد، بل الظاهر من رواية محمد بن مسلم في نفسها أيضا ذلك، بل ويمكن القول بأنه لا ينساق من صحيحة أبي بصير أيضا إلا ذلك. وبالجملة: الذي وقفت من كلماتهم في هذا الباب هو صلاة الأعرابي بالمهاجر، فحينئذ يصير حاصل الأخبار - مع ملاحظة أن المقرر في شرعنا أنه يشترط الإمامة بالعدالة، والفقه بأحكام الصلاة، وسائر الشرائط، وملاحظة التقييد المذكور، واعتبار مفهومه، وهو جواز الإمامة بمثلهم، وأنه لا فرق بين الأعرابي وغيره في سائر الشرائط - أنه لا يجوز صلاة الأعرابي بالمهاجر وإن كان الأعرابي عارفا بالأحكام قادرا على شرائط الإمامة في الجملة.
فحينئذ لا يبقى لتفصيل المحقق (رحمه الله) - وأن ذلك محمول على الغالب، لأن