الإطلاقات التي استدللنا بها على جواز إمامتها مطلقا قوية معتضدة بالشهرة بل الاجماع المنقول، فلا وجه لترجيح الخاص الذي لا يساويها كثرة، ولا يعارضها اعتضادا مع مخالفتها للأصل المدعى عليه الاجماع، وهو عدم جواز الجماعة في النافلة.
ويمكن أن يقال: إن الأدلة الدالة على عدم جواز الجماعة في النافلة لا عموم فيها غير خبر واحد لا يبلغ حد الصحة، وعدم القول بالفصل أول المسألة، فيبقى الأصل هاهنا مع الخبر العام. وأما الإطلاقات التي ذكرتها، فالصحيحين الأولين لا عموم فيهما، لأن السؤال إنما هو عن رفع الصوت، وليس هاهنا موضع الاحتجاج بتقرير المعصوم، كما لا يخفى على المتدبر، فيحتمل أن يكون مراد الراوي أن المرأة التي تؤم فيما يجوز له الإمامة فيه، كيف يفعل. نعم ينهضان دليلا على المانع مطلقا، فيبقى الخبران الآخران، وهما مطلقان غير بالغين درجة الصحة، ومعارضهما أخبار كثيرة صحيحة مفصلة، مع أن جماعة من الأصحاب قائلون بمضمونهما، فينبغي حمل المطلق على المقيد.
وبالجملة: اشتهار الجواز في الفريضة بين الأصحاب، ومخالفة جواز النافلة جماعة - للأصل، وكون الجماعة في النافلة من الأمور النادرة، سيما مع انضمام عدم تجويزها في الفريضة - يضعف التفصيل، وصحة الأخبار وكثرتها وظهور دلالتها يضعف الإطلاق.
والجمع بين الأخبار وكلام الأصحاب يكون بوجهين: إما حمل النافلة على ما يجوز فيه الجماعة والنهي عن الجماعة في الفريضة على نفي التأكد والكراهة بمعنى أقلية الثواب، أو حمل المطلقات على النافلة والحكم بتحريم الجماعة في الفريضة لهن، والأول أقوى.
ويمكن حمل النافلة على الجماعة المندوبة، فيكون كناية عن عدم جواز الإمامة في صلاة الجمعة مثلا.
وبالجملة: الأقوى جواز إمامتهن في الفرائض وإن كان الاحتياط في ترك ذلك، سيما مع وجود الرجل، والله أعلم بحقائق أحكامه.