واستثنوا من ذلك مقامين:
الأول: نافلة الوتر، فإن المستفاد من الأخبار المستفيضة أن الوتر اسم للثلاث الركعات. فإن بنينا على ما هو المعروف من مذهب الأصحاب - وهو الحق - من لزوم الفصل فالمخالفة من جهة أن التسليم هنا ثبت في ركعة واحدة. ولو بنينا على احتمال التخيير - كما يميل إليه جماعة من متأخري أصحابنا - فالمخالفة من جهة وقوع السلام في الثالثة.
والحق في المسألة لزوم الفصل للصحاح المستفيضة:
ففي صحيحة أبي بصير عن الصادق (عليه السلام) قال: الوتر ثلاث ركعات ثنتين مفصولة وواحدة (1).
وفي صحيحة سعد بن سعد عن الرضا (عليه السلام) قال: سألته عن الوتر أفصل أم وصل؟ قال: فصل (2).
وفي صحيحة معاوية بن عمار قال: قال لي: اقرأ في الوتر في ثلاثهن ب " قل هو الله أحد " وسلم في الركعتين توقظ الراقد وتأمر بالصلاة (3).
إلى غير ذلك من الصحاح وغيرها.
ويدل على التخيير صحيحة يعقوب بن شعيب قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن التسليم في ركعتي الوتر فقال: إن شئت سلمت، وإن شئت لم تسلم (4)، ومثله صحيحة معاوية بن عمار (5).
وحملتا على التقية، مع أنهما وما يؤيد بهما من بعض الأخبار الضعيفة لا يقاوم الصحاح المستفيضة وغيرها مع اعتضادها بعمل الأصحاب والطريقة المستمرة، وقد يوجه بتوجيهات اخر بعيدة.