وما كان هذا شأنه فكيف يخصص به الأخبار الصحيحة الظاهرة الدلالة المعمول بها عند الأصحاب مع أن الشهيد ادعى عليه الاجماع على ما نقل عنه؟
وهو معارض بخبر محمد بن منصور قال: سألته عن الذي ينسى السجدة الثانية من الركعة الثانية أو شك فيها، فقال: إذا خفت أن لا تكون وضعت وجهك إلا مرة واحدة، فإذا سلمت سجدت سجدة واحدة وتضع وجهك مرة واحدة، وليس عليك سهو (1)، ورواية معلى بن خنيس صريحا أيضا، وسيأتي.
وإذا عرفت هذا فاعلم أن نظر الشيخ في هذا التخصيص أيضا إلى ما ذكرنا سابقا من أنه لا وهم في الأوليين والثالثة، ولازمه بطلانهما بمطلق الوهم، ومن هذا يلزمه القول بأن زيادة سجدة فيهما أيضا مبطلة.
ويدفعه الإطلاقات والعمومات الكثيرة، سيما الخبران اللذان ذكرناهما في مبحث الركوع " ولا يفسد الصلاة بزيادة سجدة ". وفيهما إشعار بمذهب المشهور في النقصان أيضا، فراجع وتأمل، مع أنا ذكرنا وسنذكر إن شاء الله أنه لا وجه لنفي الوهم فيهما مطلقا.
ويدل على تعميم ابن أبي عقيل ما رواه معلى بن خنيس - في الضعيف - قال:
سألت أبا الحسن الماضي (عليه السلام) في الرجل ينسى السجدة من صلاته، قال: إذا ذكرها قبل ركوعه سجدها وبنى على صلاته ثم سجد سجدتي السهو بعد انصرافه، وإن ذكرها بعد ركوعه أعاد الصلاة، ونسيان السجدة في الأولتين والأخيرتين سواء (2).
وفي طريق هذا الخبر ضعف وإرسال، واشتهر أن معلى بن خنيس قتل في زمان الصادق (عليه السلام) فكيف يروي عن الكاظم (عليه السلام) ويمكن دفع هذا الإيراد؟
وبالجملة: لا يصلح هذا الخبر لتقييد أقوى منه بمراتب شتى وحملها الشيخ (3) على أن المراد من السجدة السجدتين، وهو غير بعيد.