منها، فارتباط الأمور التي من قبيل العبادات بعضها ببعض يتصور على وجوه، ويختلف إطلاق الاتحاد والتعدد عليها وحكمهما بحسب اختلاف الموارد.
فقد يكون من باب ارتباط الجزء بالكل كالركوع بالنسبة إلى الصلاة، والوقوف بالنسبة، إلى الحج.
وقد يكون من باب ارتباط الشرط والمشروط، كالوضوء مع الصلاة، والحج مع العمرة، وصلاة الميت مع غسله.
وقد يكون من باب ارتباط جزئيات الماهية بعضها مع بعض، والغالب في ذلك في الأفراد المجتمعة تحت صنف كالصلوات الخمس، وصوم أيام شهر رمضان، ولا حكم لارتباط أجزاء هذا القسم في التصحيح والتركيب.
فالقاعدة تقتضي في القسمين الأخيرين استقلال كل منها بالنية.
وأما مثل غسل الأموات فيحتمل كون الأغسال الثلاثة فيه من باب أعضاء الغسل، ويحتمل أن يكون من باب الشرط والمشروط، فتأثير كل منها موقوف على وجود الآخر وإن استقل كل برأسه.
فحينئذ نقول: صوم أيام رمضان إن كان عند هؤلاء من باب تركب الأجزاء، بأن يقال: وضع الشارع عبادة مركبة، وهو وجوب إمساك الأيام وإفطار الليالي في هذا الشهر بأجمعه، فالمجموع المركب مثل الصلاة، فلا ريب أن النية التي جعلوها لكل يوم أفضل وأولى إنما هو مثل نية كل واحد من أجزاء الصلاة، ومثل وقوف عرفات، فينوي أنه يمسك هذا اليوم قربة إلى الله، وهكذا سائر الأيام.
ولا دليل على منافاة جواز ذلك للوحدة، وليس هذا معنى تفريق النية التي لا يجوز جزما، وكذلك إن كان من باب الشرط ولم يقل به أحد.
وأما الوجه الثالث فلم يقل أحد بأن الاتحاد بهذا المعنى يوجب عدم صحة تفريق النية وتعديدها.
نعم لو قيل لا يجوز في كل من الأيام نية صوم جميع رمضان فله وجه، ولكنه