ويكفي في النية استمرار حكمها كما يكفي ذلك في نية الليلة بالنسبة إلى تمام اليوم.
وذكر تأثير النية في الشهر تشبيها باليوم ليس من باب القياس، بل هو تنظير لبيان عدم منافاة الغفلة عن نية كل يوم لحكم النية السابقة، وأن استمرار حكم نية أول الشهر ينوب عن نية كل ليلة، واستمرار حكمها لذلك اليوم، فالمهم حينئذ بيان ما ينافي استمرار حكم النية وما لا ينافي.
والظاهر أنه لا يتفاوت الحال بينه وبين نية الليلة، وسيجئ الكلام فيه.
فالإجماع مخصص لأدلة وجوب تبييت النية، أو مبين لأن المراد من النية أعم من نفس النية واستمرار حكمها الحاصل منها في الليلة، أو ما قبلها.
وأما الاستدلال بأنها عبادة واحدة فهو مشكل; لأن الظاهر أنها عبادات متعددة; لعدم بطلان بعضها ببطلان الآخر، بخلاف الصلاة الواحدة وصوم اليوم الواحد.
وقد أورد الشهيد الثاني - رحمه الله - أيضا عليه بأن من شأن العبادة الواحدة عدم جواز تفريق النية على أجزائها (1)، وهؤلاء يقولون بجواز الاكتفاء بالنية لكل يوم، بل يقولون بأفضليته وأولويته وكونه أحوط، ومن فرق بين العبادات، وجعل بعضها مما يقبل التعدد والاتحاد كالوضوء والغسل بالنسبة إلى الأعضاء، حيث جوز بعضهم تفريق نية رفع الحدث على الأعضاء، دون مثل الصلاة وصوم اليوم الواحد، فإنه وإن كان يتم فيه تفريق النية، ولكن لا تتم الأولوية والأحوطية; لأنه إنما تتم إذا جمع بين نية الكل والتفريق، فالاحتياط فيما نحن فيه هو الجمع لا الاكتفاء بنية كل واحد، وكذلك الكلام في غسل الأموات.
أقول: الظاهر أن مراده من تفريق النية على أجزائها الاكتفاء بنية الأجزاء عن نية المجموع.