معنى الوجوبين النفسي والغيري إذا تبين لك هذا المجمل فاعلم: أن الوجوب النفسي والغيري، مشتركان في أصل الوجوب، وممتازان في خصوصية النفسية والغيرية، فما هو الوجوب وما هي الجهة المشتركة، فهل هي الحكم وهو الأمر الاعتباري العقلائي المنتزع من البعث، كما اختاره الوالد المحقق - مد ظله - (1) فعليه يكون الوجوب النفسي ما هو المبعوث إليه بالبعث الذي لا يكون فوقه بعث آخر، أو لا يكون لأجل المبعوث إليه الآخر، والغيري ما هو كذلك؟
أو الوجوب يعتبر من البعث بما أنه كاشف عن الإرادة الموجودة في نفس الآمر، فإذا كان بهذا اللحاظ يعتبر الوجوب، فلا يكون المقسم هو الحكم، بل المقسم أعم من الحكم ومن الإرادة البارزة بغير هيئة البعث. بل لو ظهرت تلك الإرادة بمظهر آخر، فهو أيضا ينتزع منه الحكم؟
بل وإذا اطلع الانسان على تلك الإرادة في نفس المولى، فيعتبر الوجوب واللزوم، ويجد المعنى القابل للانقسام إلى النفسي والغيري، لا بشخصه، بل بنوعه، بل لو اطلع على مرام المولى ومقصوده، أيضا يكون الأمر كذلك، ويكون هذا أيضا مثل ذاك، ولكن لا بالمعنى الذي أشير إليه، وهو المقصود الذاتي.
بل لو اطلع على مقصود المولى منه، أي من العبد، وهذا غير المقصود الذاتي، فإنه - أي هذا المقصود والمطلوب منه - أيضا نفسي. ويمكن أن يكون غيريا بالوجه الذي أشير إليه. وهذا الأخير - أي ما هو مقسم الوجوب النفسي والغيري - هذا، لا ذاك.